دلفت أسعار النفط أمس إلى مستويات جديدة يراها المستهلكون بأنها تبعث على القلق لكونها ستفرمل للتنمية الاقتصادية وتقهقر من الازدهار العالمي والتنامي الصناعي رغم أن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة طبيعية لارتفاع السلع العالمية.
و اندفعت الأسعار أمس بعدة عوامل أفضت إلى تحليقها إلى مسارات تخطت توقعات المراقبين الذين كانوا يرون بان الأسعار ربما تهدأ حدتها وتعاود الهبوط التدريجي متكئين على معطيات منها انقشاع موسم الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية مما يعني تراجع الاستهلاك وكذلك هدوء الأجواء السياسية المحيطة بمنابع النفط .
إلا أن قراءة الأسواق لمسار تدفقات النفط بصورة دقيقة أدت إلى هذا التصاعد في الأسعار حيث أنها تدرك بأن الأسعار لا تندفع حاليا بسبب شح في الزيت الخام وإنما في نقص بإمدادات نواتج التقطير والذي كشفت عنه إدارة الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي وأشارت إلى أن هناك تراجعاً في مخزونات الوقود بمقدار 2,9 مليون برميل مما قفز بأسعاره إلى1,7 دولار للجالون وهو رقم قياسي لهذا العام .
ومن العوامل التي حلقت بالأسعار قيام صناديق المضاربة التي تمتلك رؤوس أموال ضخمة بالشراء بقوة كبيرة بناء على إشارات مؤكدة بأن النمو السريع في الطلب في الاقتصاديات الناشئة بآسيا والولايات المتحدة سيشكل ضغطا على المعروض العالمي من النفط.
الأسواق تلقت إشارات من الاوبك عندما أعلنت أمس بأنها تجري اتصالات بشأن رفع الإنتاج معتقدة بان هذه الكميات لن تصل إلى الأسواق قبل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع هذا بالإضافة إلى أن الاوبك تنتج حاليا أكثر مما تعد به حيث تشير المعلومات غير الرسمية بان إنتاجها يتخطى حاليا 29 مليون برميل يوميا أي أن إضافة 500 ألف برميل يوميا إلى سقف إنتاجها الحالي البالغ 27,55 مليون برميل يوميا قد لا يؤثر بمسار الأسعار أو يثنيها عن الصعود .
و تظل الأسواق البترولية تتوجس خيفة إذ أنها تدرك أن معظم الدول المنتجة سواء من داخل أو خارج الاوبك تنتج بكامل طاقتها الإنتاجية وليس بمقدورها إضافة المزيد وهذه نفس المعطيات التي بنت عليها مؤسسة (قولدمان) تقريرها الأسبوع الفارط والذي أشارت فيه إلى أن أسعار النفط قد تصل إلى 105 دولارات في حالة استمر شح الإمدادات سواء من المواد البترولية المكررة أو النفط الخام وقد تتفاقم الأزمة في حالة حدوث توقف من إحدى الدول المنتجة المهمة وخاصة في منظمة الاوبك.
كثير من المحللين يشيرون إلى أن أسعار النفط تمر بمرحلة قفزة هائلة بيدا أنها ربما تهوي في المستقبل عندما تبدأ دول كثيرة بإنتاج النفط بعد أن يصبح بترولها مجدياً اقتصاديا وتكتمل الدورة بإغراق السوق وتدحرج الأسعار.
المصدر :
http://www.alriyadh.com/2005/04/05/article53917.html