الطائف: فهد الحارثي
تحول أحد العنابر داخل سجون الطائف مساء أول من أمس إلى قاعة فرح بعد أن سمحت إدارة السجون بمحافظة الطائف لأحد نزلاء السجن بإقامة حفل زواج يعد الأول من نوعه على مستوى المملكة، حيث احتفل السجين عوض عيد الحربي المحكوم عليه بتنفيذ القصاص بالزواج من ابنة السجين محمد علي الزهراني المحكوم علية بالقصاص أيضا وذلك في أحد العنابر بالسجن العام.
و شهد الحفل حضور عدد من المسؤولين بالسجن، وقام مدير إدارة السجون بالطائف العميد خلف القرشي بإلقاء كلمة خطابية على النزلاء وبارك للعريس ووالد العروس وشارك في الحفل جميع النزلاء بالعنبر وبعض من أقاربه الذين جاءوا للسلام عليه.
وعلمت "الوطن " بأن أقارب بالسجين قد احتفلوا به وهو في السجن، وقاموا بعمل فرح لذويهم في قاعة فرح بالحوية، وقد أصر زملاؤه في السجن على عمل فرح مصغر له بإحدى العنابر وشارك فيه النزلاء وبعض من المقربين للعريس الذي وبالرغم من أنه حبيس خلف القبضان إلا أن الفرحة بدأت على محياه وهو يستقبل المهنئين الذين أصروا على عمل حفل له بداخل السجن حيث تنوعت فقرات الحفل مابين كلمات خطابة وقصائد شعرية واختتمت بمحاورة شعرية كان صفوفها وشعراؤها من نزلاء السجن استمرت لمدة ساعة.
وبعد تناول العشاء الذي أعدته إدارة سجون الطائف، انتقل العريس إلي المقر الذي حددته له إدارة السجن لكي يستقبل زوجته التي أعلنت بهذا الزواج تضحيتها بأمور كثيرة مقابل أن تمضى بقية عمرها بجانب زوجها الذي ينتظر نزوله لساحة القصاص في أية لحظة إلا إذا شاءت الأقدار وأتى من يعتق رقبته التي ظلت طيلة 13 عاما تنتظر هذا المصير المحتوم.
وقد تقررت إقامة العريس لمدة يومين فقط وله كل نهاية شهر مرة واحدة حسب ماصرح به مدير إدارة السجون بالطائف العميد خلف القرشي.
والتقت "الوطن" بالسجين العريس، الذي قال إن الموت والحياة علمها بيد الله وإن إصراره على الزواج أتى بعد إلحاح من أحد النزلاء الذين سبقوه قبل عدة سنوات إلى ساحة القصاص ولم يكن متزوجا فجاء بفكرة الزواج لكي أنجب ولداً يدعو لي بعد الممات وأوصاني بأن أتزوج.
وأضاف أنه حينها استصعب الأمر ولكن الأمور سارت على غير ما توقع فقد فاجأه الصديق المرحوم بأن تقدم لصديقهما بالسجن محمد الزهراني وطلب منه ابنته زوجه له على كتاب الله وسنة رسوله فما كان من العم الزهراني سوى أن سأله عن جدية هذا الطلب وأكد حينها رغبته بذلك وعلى الفور تمت مناقشة الموضوع بجدية تامة إلى أن تم عقد قرانه على ابنة العم محمد علي الزهراني.
وناشد الحربي ولاة الأمر بالتدخل للوصول إلى حل مع ذوي الدم.
من جهة أخرى أوضح والد العروس محمد علي الزهراني أن مهر العروس لم يتجاوز 35 ألف ريال فيما كان المؤخر عبارة عن 30 ألف ريال ولها الحق في منزل مستقل متى تنازل ذوو الدم.
وأضاف أن ابنته مقتنعة بهذا الزواج ولم يجبرها على ذلك بل طلبت منه أن ترى الزوج قبل عقد القران هي ووالدتها وقد تم ذلك عن قناعة تامة وسيكون لها الحق الشرعي كباقي الزوجات.
وقالت الزوجة التي تبلغ من العمر 15 عاماً إنها سعيدة بهذا الزواج وإنها لم تجبر عليه، مناشدة ولاة الأمر وأهل الخير أن يسارعوا بالتدخل لإنقاذ أبيها وزوجها من تنفيذ حكم القصاص.
فيما أشار مدير إدارة سجون الطائف العميد خلف القرشي إلى أن هذا الزواج أدخل البهجة والسرور على النزلاء بشكل عام وعلى زميلهم المحتفى به كما أن هذا الزواج الذي يتم للمرة الأولى خلف القبضان يأتي كرسالة واضحة للجميع بأن الجهود التي تقوم بها إدارة السجون لا تقف عند جانبها الأمني بل تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك فهي توجه الليلة رسالة فحواها أن السجون تشارك النزلاء أفراحهم وتسعى إلي توفير كل ما من شأنه أن يصب في تهذيب النزيل وإعادته بشكل أفضل للانخراط في المجتمع من جديد وذلك من خلال البرامج المتنوعة التي تقام داخل السجون ونسعى دائما إلى تطويرها كما يحثنا على ذلك ولاة الأمر.
ومن جهة أخري قام اللواء الدكتور علي بن حسين الحارثي باتصال للعريس ووالد العروس وبارك لهما بهذا الزواج.
مختصان شرعيان: زواج المحكوم عليه بالقصاص جائز شريطة موافقة الزوجة
الرياض:عضوان الأحمري
أوضح مختصان في العلوم الشرعية أن زواج المحكوم عليه بالقصاص من امرأة جائز وصحيح في حال موافقة المرأة بدون ضغوط حتى لو ترتب عليه مخاطر أو كان القصاص في وقت قريب.
وقالا لـ"الوطن" أمس إنه يجب التأكد من أنه لم يتم الضغط على المرأة حتى توافق وإذا تم التأكد من هذه النقطة فإن هذه الحالة تعتبر حرية شخصية للزوجة من حقها الاختيار وأن تختار حياتها ومصيرها.
وأوضح أستاذ الحديث بجامعة أم القرى عضو مجلس الشورى الشيخ حاتم الشريف أن هذا الزواج جائز وصحيح شريطة ألا يكون هناك ضغوط على المرأة وأن جميع أركان الزواج إذا توافرت من رضاها وموافقة وليها فإن كل الأمور الأخرى يغض الطرف عنها لأنه في الأخير قرار يعود لها هي ولمصلحتها.
وأضاف أنه من الناحية الشرعية فإن النكاح صحيح ولا يمكن أن نحكم بصحته بحكم كلي لأننا لا نعرف تفاصيل الزواج وخلفياته ولا نعرف كذلك تفاصيل الحكم, لكن إذا عرفت الزوجة أنه محكوم على زوجها بالقصاص فيحق لها الموافقة والزواج صحيح ولا نستبق الحدث قد يكون هناك عفو له وهم يعرفون ذلك أو غير ذلك، وبغض النظر عن كل التوقعات فإن الزواج صحيح وأتمنى أن يتأكد المأذون إن كانت هناك ضغوطات مورست على المرأة أم لا وإذا لم يكن هناك ضغوطات فهذه حرية للمرأة ويحق لها اختيار حياتها.
فيما قال أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور محمد العلي، إن أهم شيء هو علم الزوجة بأنه سيتم تزويجها من رجل حكم عليه بالقصاص خصوصاً أن حكم القصاص قد يتأخر أو قد يتم عفو عنه، والمهم في المسألة كلها موافقة الزوجة على ذلك، وحين تكون راضية وموافقة فإن الزواج صحيح وجائز ومن حقها أن تختار ما تريد من حياتها إن كانت تعلم أن هناك أضرار مترتبة على ذلك.
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...=2591&id=27387