[align=center]اللجوء إلى التهجم في مجال الكلام وحل الأمور دليل على الفشل أمام المخاطب ولقد تستهين بالشخص لمجرد ابتسامه أمام الصعاب فتعتبر ابتسامته وسيلة لاستنفاذ حقه ومغامرتك في القضاء على هذا الحق بأنواع متعددة من أساليب الضغط والقوة.
وقد تكون ابتسامته نتيجة لدافع التفكير في الأسلوب الذي لا ينفع معه الكلام في الوقت الذي أحيط بصاحب الابتسامة كل التضييق والحد من حركته وتصرفه في عمله فيخضع توقفه وانتظاره لنقد أشد مقاومة وهو في البداية والنهاية لا يجد وسيلة للخروج من جميع هذه المآزق إلا بالابتسامة الهادئة اللطيفة التي فيها معنى الغضب ومعنى القوة التي لا تتجاوز نظرته وإعراضه.
قد تكون أقوى من خصمك بالإصرار والمعاندة فهل هذا يعني أنك على حق وأنه على باطل إن المخاصمة جاءت من عدم تلبية حاجتك منه فما هي الحاجة التي أوجدتها واهمة وهل هذا يعني أنك ستنتزعها منه انتزاعاً وذلك بسد حاجته الحقيقية منك.
قد تستطيع بأسلوبك المروض أن تقنع الجماعة التي تعيش معه فتقلب الرأي عليه ولكن هذا يعني أنك استخدمت الوسائل الكاذبة في تغيير وجه الحقائق بتشويه ظاهر الكلام الجميل وتحويله إلى نوع بعيد عن المقصود ودخلت فيه بتفاسير مختلفة لم تدخل على ذهنه قط قبل الكلام وبعده.
إن لاختلاف الرأي حداً لا تجعل المخاصمة عن طريقها ينتقل إلى الشخص بذاته فيتعرض موقفه إلى نوع يعجز معه القول وتبقى النظرات والابتسامات هي السائدة على احتمال الموقف ولو أدت بصاحبها فيما بعد إلى ازدياد الشدة واللوم والتضييق والتهجم.
ذلك أنك تريد منه ما لا تريده لنفسك وإذا كنت تريد نفس العمل فهذا يعني أنك أعطيت لنفسك الحق في التصرف بما تحب ولو كان تصرفك يسيء لزميلك بينما زميلك لا يريد أن يتجاوز حقه فيحجب عن تلبيتك الطلب ويبقى عملك دائماً مصحوباً بالقوة حيناً وبالعنف أحياناً وتبقى ابتسامته دائماً دليلاً على متابعة العنف معه حتى تأتي أعماله طبقاً لأعمالك لا بالقوة والمهارة بل باستمرار التجمع حوله وإيذائه بالتهم والنوايا السيئة.
إن للابتسامة المستمرة على الرغم مما يحيطها من القسوة و التهكم معنى جديداً في هذه الحالة فهي تعني أن اشتدادك للعمل يقوم على ساعدك الذي اعتاد أن يتحرك ولو في غير موضع حركته وإنه إذا ترك العمل للتدبير وحسن التصرف فإن ساعدك لا عمل له و إنما العمل كله للكلمة الحلوة التي لم تلفظها قط و للأذن الواعية التي لم تعطها مرة، و للقلب الفارغ الذي لم تشغله إلا بمطالب أسرتك و بيتك.
إن الابتسامة الحلوة يجب أن تعيش في وسطها الملائم و لذلك كان لا معنى لها عند الآخرين إلا الفرصة المواتية للاستفادة من الشخص بما توحي الأفكار لا بما يدل عليه تألمه الذي جاء معبراً لا بالتهجم و الكلام وإنما بالخلود إلى هدوء النفس من ذلك الشغب الذي أحيط بكل عناصره وتجمعت عنده جميع القوى الفردية بالتأثير والضغط.
المستشار
[/align]