الرياض – نضال حمادية
مساء أمس الإثنين 24-12-2007 ودون سابق إنذار، وجد موظفون ومواطنون سعوديون أنفسهم على موعد آخر مع "لعبة شد الأعصاب" فيما يتعلق برفع الرواتب، عندما باغتتهم رسائل جوال وصفوها بالمخادعة؛ لأنها كانت تحمل مضمونا يختلف عن عنوانها.
فقد استغل البعض ما نقلته مواقع الأخبار، ومن ضمنها وكالة الأنباء السعودية "واس"، عن قرار الحكومة الأردنية رفع رواتب موظفيها ومتقاعديها، ليصوغوا منها رسائل مفادها أن "المملكة زادت الرواتب"، موحين إلى من يقرأ العنوان لأول وهلة أن الخبر يخص المملكة العربية السعودية، بينما تكشف له بقية الرسالة أن المقصود هي المملكة الأردنية الهاشمية!
وعلى وقع تجدد الإشاعات بشأن رفع الأجور في السعودية، جدد موظفون التقتهم "الأسواق.نت" مطالباتهم بإصدار بيان رسمي ينفي أو يؤكد زيادة الرواتب؛ منعا للتداعيات السلبية التي تترتب على ترك هذه المسألة معلقة.
وقال أحمد الصالح الموظف في سلك التعليم "منذ أشهر ونحن نفتقد الاستقرار.. ننام على شائعة ونصحو على رسالة مفبركة، وآخرها رسالة "المملكة تزيد الرواتب"، وأعتقد أنها لن تكون المرة الأخيرة ما لم يصدر تصريح رسمي يضع الأمور في نصابها".
الميزانية لم تنف الزيادة
أما مساعد المشاري فرأى أن الزيادة التي أقرها الأردن ستكون بمثابة حجة قوية لكل من يدعو إلى رفع الرواتب في السعودية، فالمقارنات تظهر التفاوت الملموس في الإمكانات الاقتصادية بين البلدين، وهذا ما بدأ البعض يركز عليه زاعما أن اتخاذ المملكة قرار إيجابيا في هذا الشأن أصبح أقرب من أي وقت مضى بعد الخطوة الأردنية، حسب تعبير المشاري.
من جهته عبر الكاتب الاقتصادي مقبل الذكير عن اعتقاده بأن خضوع مسألة الزيادة للدراسة والتداول قد يكون السبب في عدم صدور نفي أو تأكيد رسمي للأمر حتى الآن، وهذا ما يجب أخذه بالحسبان، رغم ما يمثله البيان الرسمي من أهمية في قطع الشك باليقين.
وبخصوص ما يتداوله البعض من أن إعلان ميزانية العام المقبل شكل نفيا أكيدا، وإن كان غير مباشر لتعديل سلم الرواتب، اعتبر الذكير أن هذا التصور غير دقيق تماما فالميزانية لم تشر إلى ذلك صراحة، بل هو مجرد استنتاج قد يصيب وقد يخطئ.
وكان وزير المالية الأردني حمد الكساسبة قد أعلن أمام مجلس النواب يوم أمس الإثنين عن رفع رواتب الموظفين من خلال ربط أجورهم بمعدل التضخم، إضافة إلى منح المتقاعدين زيادة توازي هذا المعدل أيضا، على أن تكون حصة العاملين الذين تقل رواتبهم عن 300 دينار من الزيادة أكبر من مثيلاتها لأصحاب الدخول الأعلى، علما أن الدينار يعادل 1.4 دولار أمريكي أو 5.3 ريالات سعودي.
كما أعلن الكساسبة أن حكومة بلاده ستقوم بتقديم دعم نقدي مباشر للمواطنين من غير الموظفين والمتقاعدين، والذين يقل نصيب الفرد من دخل أسرتهم عن 1000 دينار سنويا، وشمولهم بمظلة التأمين الصحي لتمكينهم من مواجهة ارتفاع الأسعار، علاوة على إجراء حوار بناء مع فعاليات القطاع الخاص المختلفة لتحفيزها على زيادة رواتب العاملين في مؤسساتها، وتقديم دعم نقدي لمربي الماشية والأغنام.
إقرار موثق
وفي سياق متصل شكّل أحدث تقارير "ساما" عن ارتفاع مستوى التضخم مادة دسمة للنقاش في المجتمع السعودي، الذي يشهد أفراده ارتفاعا شاملا وغير مسبوق في أسعار مختلف السلع والخدمات.
وأشار بعض من تحدثوا لـ"الأسواق.نت" من المواطنين إلى أن بيان مؤسسة النقد عن معدلات التضخم هو إقرار موثق بهذه المشكلة، وإن كان "منقوصا"، حسب رأي عادل الزهراني لأنه لا يمثل التقييم الدقيق للغلاء.
وأعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي أمس أن مستوى التضخم خلال الربع الثالث من العام الجاري اقترب من 6% في ثلاث مدن سعودية، هي الرياض وحائل ونجران، فيما بقي المتوسط العام للتضخم عند 4.4% خلال نفس الفترة، وذلك في 16 مدينة بالمملكة.
واستغل الموظف عبد الله الرشيد هذه الأرقام ليقول "إن الزيادة المرجوة في الأجور لن تحدث ذلك الأثر الإيجابي الذي يتوقعه الناس؛ لأن الغلاء قد ابتلع هذه الزيادة المفترضة مسبقا، مما أدى لاقتناع الكثيرين بأن رفع الرواتب لن يكون كافيا، ما لم يترافق مع إجراءات أخرى أهمها إقرار بدل للسكن ودعم السلع الأساسية".
جدير بالذكر أن تقرير "ساما" الأخير عن التضخم في المملكة قدر أن هبوط الدولار هذا العام ساهم وخلال الربع الثالث في رفع الإيجارات بنسبة 9.5%، في حين زادت كلفة الأغذية والمشروبات بمقدار 6.5%.
http://www.alaswaq.net/articles/2007/12/25/12928.html