البريد الفلسطيني
عبر التاريخ والتطورات التي طرأت عليه
المدخل في الخدمات البريدية:-
البريد هو أحد المرافق الحكومية الهامة بل يمكننا القول بأنه من أهم المرافق التي تعمل على إشباع رغبات الجمهور باختلاف مستوياتهم وأعمارهم ويسهم بقدر كبير في كل ميادين الحياة المختلفة لأن الخدمات البريدية حالياً وخاصة في العالم المتحضر أصبحت كالهواء لا يمكن الاستغناء عنها لأنها تتداخل بشكل ملحوظ في جميع مجالات الحياة باختلاف نواحيها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها بل وتواصل الخدمات البريدية تفاعلها مع المجتمع إلى أبعد من هذا حيث تصل إلى ميادين القتال والحرب لتخفف من ويلات الجنود ويمكن أن تلعب دوراً أساسياً في تقريب وجهات النظر وبالتالي قد تتسبب في إحلال السلام أيضاً .
وبدون مبالغة يمكننا القول بأن البريد يدفع عجلته لتواكب عجلة التقدم والازدهار وبالتالي يكون أحد دافعي عجلة تقدم الدولة وعليه فإن أهمية البريد في العالم المتحضر كعامل من عوامل النمو تختلف باختلاف البلدان تبعاً لاختلاف هيكلها الاقتصادي والاجتماعي فالخدمات البريدية في كثير من دول العالم الثالث ( الدول النامية) تعتبر خدمات تقليدية مختلفة ولا تقوم بالدور المطلوب منها لمواكبة عملية التقدم والتطور وعلى العكس من ذلك فإننا نجد الخدمات البريدية في المجتمعات المتقدمة تقدم للجمهور بأساليب متطورة ومنتظمة وتقوم على أساس فعال ومنظم معتمدة على وسائل عمل متطورة وعلى هذا الأساس فإن البريد مرآة صادقة تعكس مدى تقدم المجتمعات والبلدان وبهذا يبرهن مرفق البريد بأنه دعامة أساسية من دعائم البناء كما أنه عنصر هام من عناصر التقدم الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي وبالتالي فإن الخدمات البريدية تعتبر مقياساً صادقاً من مقاييس تقدم الدول وازدهارها.
وعليه فإن نشاط البريد وتطلعاته لا يمكن أن تقف عند تقديم الخدمات البريدية التقليدية بل تتعداها إلى خدمات أخرى ففي السابق كان يؤدي خدمات محدودة في حقل التراسل بين الأفراد والجماعات ومع مر السنين وتلبية لاحتياجات المجتمع المختلفة كان لابد للبريد من أن يعدد خدماته ويطورها ليخرج من مرحلة التقوقع داخل حوصلة التراسل إلى الأفق الفسيح لخدمات لا يمكن حصرها فقد أدلى البريد بدلوه في كل المجالات ليشبع الحاجات والرغبات المختلفة .
بعد هذا التطور والانطلاق نحو الأفق الواسع كان لزاماً على البريد أن ينافس البنوك التجارية ليدخل من أوسع الأبواب إلى المجال المصرفي سواء داخل البلاد أو خارجها وأدخل خدمات إضافية متنوعة في خدمة المراسلات والطرود فجاءت الخدمات الإضافية كالتسجيل والمؤمن عليه والمحول عليه ودخل مجال الاستثمار لتنمية المدخرات التي تتجمع لديه في الوعاء الادخاري المسمى بصندوق توفير البريد.
إضافة إلى خدمات التحصيل لصالح الغير وهي متعددة ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر المقبوضات لصالح التأمين الصحي- الجمارك – الضريبة – الشرطة – المحاكم – الترخيص – التليفونات – الكهرباء – المياه ….الخ.
وبما أن يد البريد قد امتدت للجمهور للتحصيل كان لزاماً على البريد أن يمد يده الأخرى للصرف فساهم البريد في المدفوعات لصالح فئات مختلفة وشرائح عدة من فئات المجتمع كدفع معاشات الموظفين والمتقاعدين ومساعدات الشئون الاجتماعية وأسر الشهداء ….الخ وذلك لخدمة المواطنين والتيسير عليهم في أمور حياتهم المختلفة.
وإن مرفقاً ضخماً كمرفق البريد كان لابد له من الانتشار لتصل خدماته إلى أقصى المناطق في الدولة بما فيها المناطق النائية فنجد مكاتب البريد منتشرة في جميع أرجاء الوطن وهذا ما يميزه عن الشركات الخاصة والبنوك التجارية فعلى سبيل المثال في المحافظات الجنوبية لكل شركة بريد سريع لديها مكتب واحد في كل القطاع بينما نجد 23 مكتب بريد حكومي منتشرة في جميع أنحاء القطاع اما فى الضفة الغربية فيوجد بعض مكاتب لهذه الشركات بينما يوجد عدد 59 مكتب بريد منتشرة فى جميع انحاء المحافظات الشمالية .
ويختلف مرفق البريد عن بعض مرافق الدولة في طبيعة خدماته التي يؤديها إضافة إلى طموحه الذي لا يقف عند حدود الدولة بل يتعداها ليصل إلى كل حدب وصوب من العالم فنجد أن هذه الخدمات ترتبط بخدمات بريدية دولية ولذلك فإن الخدمة البريدية تمتاز بسعة انتشارها فهي خدمة على مستوى جميع دول العالم وكان لا بد من وجود منظمة دولية تنظم العلاقة البريدية بين دول العالم فولد الاتحاد البريدي العالمي.
وللبريد سريته فمطلوب من موظفي البريد الأمانة المطلقة في أعماله المختلفة لأنها تمس الخصوصيات الخاصة في حياة المواطنين وينبغي على موظفي البريد الحفاظ على سرية المراسلات وغيرها التي هي أمانة في أيدينا نحن موظفي البريد "الحفاظ على السر المهني ".
ولا يعلم الجمهور مدى ما يواجهه العاملون في الحقل البريدي من صعوبات ومشاق في عملهم وبالرغم من ذلك نجد الرضى والتسامح واضحاً جلياً مرسوماً بابتسامة حب ووفاء مطبوعة على وجه موظف البريد وذلك في سبيل راحة الجمهور ويكفي بأن يكون ساع البريد هو طارق الباب الوحيد المرغوب فيه حتى وأن كان يحمل أخباراً سيئة فنجد بعض المواطنين يتهرب من طارق الباب الحكومي – استدعاء للشرطة – فاتورة ضريبية – استدعاء للقضاء …الخ إلا ساع البريد فإن المواطنين ينتظرونه بفارغ الصبر.