على قول الراوى
المؤمن كالغيث
شغلتني نفسي الأمارة بأمر ما بالأمس تسبب لي في التأخر عن صلاة القيام والذي يبدأ الساعة الثالثة ..
ولو كان ما أخرني مهما لم أتوقع .. أنه أهم من الحدث الأليم .. الذي .. جعلني أهل دموعا لا انقطاع لها ..
بعدما انتهيت وبقي في الوقت شيء لأدرك فيه صلاة القيام ..
انطلقت مسرعا بسيارتي .. لأحد الأئمة .. الذين يحلقون بالناس في صلاة القيام ...
حبا وخشوعا خوفا ورجاءا ...
ولكني .. حينما اقتربت .. فوجئت .. بان الإمام يدعو .. !!
يدعو !! ...
هذه آخر ليلة .. !! ربما ..
المواقف مزدحمة .. !!! اضطررت أن أطوف بالمسجد أكثر من طواف ..
الدعاء سينتهي ... !!
الليلة الأخيرة .. ستذهب ولن تعود ولن أعود ...ربما
يا الله !! لا تجعلني ممن هان عليك .. فصرفته عن لذة مناجاتك ..
يا الله !! لا تجعلني ممن حرمتهم فضل القرب منك .. في هذه الليلة ... فحرمتهم من الوقوف بين يديك .. !!
يا الله .. !! يا الله .. !!
أوقفت السيارة في مكانها وانطلقت هائما على وجهي ... فلم استفق إلا وأنا في الصف !!
رفعت يدي .... مع من أدركوا القيام كما ينبغي .. !!
وأشعل فؤادي هنا حرقة التقصير ... في شهر رمضان .. !!
تخيلت تصرم هذا الشهر ... وتصرمي بعده ...
وسأندم بل سأعض أصابع الندم .. على كل دقيقة ..
فرطت فيها ...
لم أقرأ فيها قرآنا ..
لم أدع الناس فيها إلى كلمة طيبة ..
لم أحاسب نفسي فيه على خطيئة ..
وداعا رمضان !!
والله لم تفرح عيني بقرب عيد ...
ولم تهنأ بلبس جديد ..
لأني لا أستحق العيد الذي جعله الله لم صام وقام ..
وبكى بالليل والناس نيام ...
لمن رفع يديه .. في دياجي الظلمات ...
يرجو رحمة ربه ... ويخشى عذابه ..
وأعجب لكثير من ( المسلمين )
الذي سلبوا رمضان روحه .. وجعلوه بلا لون ولا رائحة عبقه ..
فرغوا أنفسهم فقط .. لمشاهدة المنكرات ..
وتتبع السيئ في القنوات ..
لم يقرؤوا آية ... !!
لم يتصدقوا صدقة ... لم يفطروا صائما ..
لم يتبعوا جنازة ... لم يحفظوا فيه لسانا .. بل وربما ( أعاذنا الله وإياكم) عرضا ..!!
واااااا أسفى على وداعك يا غالي ..
وااا أسفي على انصرامك يا شهر التائبين..
وآسفى ... على ذهابك ... يا شهر العفو عن المذنبين ..
يا .. شهر العتقاء من النار ..
عزائي يا رب أن رحمتك سبقت غضبك ..
وان عفوك أظل أهل المعاصي ..
وأقل عثرات أهل الخطايا ...
(( اللهم أعد علينا شهر رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة .. ))
لم يقلها الإمام ...
إلا وفاضت عيني حزنا ...
لعلي لا ألقاه هذا الحبيب ..
فوداعا رمضان ..
ختم الإمام دعاه .. ومسحت عيني .. !!
وأطرقت رأسي وخرجت .. أصطنع البسمة وفي خاطري .. من الألم ..
ما إن مفاتحه لتنوء به العصبة ...
خرجت ... وأنا أبكم ..
وجعلت عيني ناطقة ودمعي يخبر الخبر ..
مجمل أمري ..
يحكي عبارة
وداعا رمضان ...
إلى لقاء .. آخر ..
آه ... ثم آه ..
على كل حال ..
(( عيدكم مبارك )) مقدما
وكل عام وأنتم بخير
..