تلعب صناديق الاستثمار في الأسهم والسندات دورا مهما في أسواق المال في العالم كوسيلة فعالة في تجميع المدخرات وإتاحة فرص الاستثمار لصغار إن الفرق الأساسي بين استثمار الأموال في البنك التجاري واستثمارها في أسواق المال هو أن المدخر يتحمل من خلال هذه الصلة المباشرة مخاطرة استخدام الأموال بنفسه، ولذلك جاءت الصناديق الاستثمارية لكي توفر لملايين المدخرين هذه الفرصة.
مزايا الصناديق
تعطي صناديق الاستثمار عددا من المزايا الاقتصادية، أبرزها توفير حجم كبير من الأموال من خلال تجميع مدخرات عدد كبير من الأفراد، كما أنها توفر القدرة على انتقاء الأوراق المالية، ومتابعتها بواسطة خبراء متخصصين في تحليل وإدارة الأوراق المالية.
يضاف إلى ذلك أن توزيع أموال الصندوق بين عدد من الأوراق المالية في المجالات المختلفة -من حيث التوزيع الجغرافي والمجالات الاقتصادية المختلفة- يقلل المخاطر الاستثمارية. في الوقت نفسه تحقق هذه الصناديق عائد استثمار يفوق -عادة- العائد الذي يمكن تحقيقه من الودائع المصرفية.
وتدل دراسات كثيرة على أن السيولة تعد أكثر العناصر أهمية بالنسبة لصغار المدخرين. ولا ريب أن الاستثمارات المباشرة وكذلك الفرص التي توفرها البنوك التجارية في الحسابات الآجلة هي أقل سيولة من الصناديق الاستثمارية المفتوحة، وفي كثير من الأحيان أقل منها عائدا.
ومن جهة أخرى فإن السيولة بالنسبة للحجم الصغير من الاستثمار ربما تكون عالية التكاليف حتى عند التوظيف في الأسهم وما شابهها من الأوراق المالية، ويعود ذلك للرسوم التي تتضمنها عمليات البيع والشراء من رسوم التسجيل وأجور السمسرة. ولذلك يمكن القول: إن صناديق الاستثمار توفر سيولة عالية بتكاليف متدنية للمستثمرين لا يمكن لهم الحصول عليها من خلال الاستثمار المباشر.
غير أن هذه المزايا لا تتحقق إلا بأن يكون لصندوق الاستثمار المشترك سجل أداء جيد ليشجع المستثمرين على الدخول إليه. بيد أن سجل الصندوق مهما كان حافلا فيجب ألا يعتبر ضمانا لتحقيق أداء مشابه في المستقبل. وحتى أفضل المديرين لا يستطيع أن يحقق الأرباح في سوق أسهم تتراجع فيها الأسعار بشكل متواصل. فلا بد إذن للمستثمرين في صناديق الاستثمار المشتركة أن يكونوا على دراية بالمخاطر التي قد تتعرض لها هذه الصناديق قبل أن يقدموا على الاشتراك فيها.
وإليكم بعض المعايير المهمة التي يتم على أساسها اختيار الصندوق، وأبرزها:
- سعر الوحدة الاستثمارية في الأسهم والسندات للصندوق.
- ازدياد أو تراجع حجم الصندوق.
- نجاح الصندوق في تحقيق أهدافه المعلنة، من العائد السنوي المتوقع على الاستثمار، وإمكانية توزيع أرباح.
- حجم السيولة المتوفرة في الصندوق وإمكانية قيام المستثمر بتسييل استثماره أو الخروج من الصندوق.
- أداء الصندوق في السابق ومؤهلات القائمين على إدارته.
- مصداقية المؤسسة التي تروج وتدير الصندوق.
ضوابط الاستثمار
يكون استثمار أموال الصندوق في الأوراق المالية في الحدود ووفقا لعدد من الشروط التي قد تختلف من نظام مالي إلى آخر، ومنها:
- ألا تزيد نسبة ما يستثمر في شراء أوراق مالية لشركة واحدة على 5% من أموال الصندوق وبما لا يتجاوز 10% من أوراق تلك الشركة.
- ألا تزيد نسبة ما يستثمره الصندوق في وثائق الاستثمار التي تصدرها صناديق الاستثمار الأخرى على 10% من أمواله وبما لا يتجاوز 5% من أموال كل صندوق مستثمر فيه.
- يجب على الصندوق الاحتفاظ بنسبة كافية من السيولة لمواجهة طلبات استرداد قيمة وثائق الاستثمار وفقا لشروط الاسترداد الواردة بنشرات الاكتتاب في هذه الوثائق.
- يجب على الصندوق عدم اتباع سياسة من شأنها الإضرار بحقوق أو مصالح حملة وثائق الاستثمار.
- يصدر الصندوق مقابل أموال المستثمرين أوراقا مالية في صورة وثائق استثمار اسمية بقيمة واحدة. ويوقع على الوثيقة عضوان من أعضاء مجلس إدارة الصندوق -يعينهما المجلس- والمدير المسئول، وتكون للوثائق أرقام مسلسلة، ويجب إخطار الهيئة بنموذج وثيقة الاستثمار قبل إصدارها للاكتتاب.
المستثمرين تحت إشراف أجهزة متخصصة.
والمستثمرون المستهدفون لهذه الصناديق هم الذين لا تتوفر لديهم الموارد المالية الكافية لتكوين محفظة خاصة من الأوراق المالية، أو تتوافر لهم الموارد المالية ولكن تنقصهم الخبرة والدراية أو ليس لديهم الوقت الكافي لإدارة تلك المحافظ.
أما الأوراق المكونة لمحفظة الصندوق فهي ذات تداول عام مثل الأسهم والسندات وأذون الخزانة، وليس من حق المستثمر أن يدعي ملكية أوراق معينة داخل المحفظة، إنما يتمثل حقه فقط في حصة في المحفظة ككل يحصل فيما يقابلها على وثيقة دالة على ذلك.. والسطور التالية تسعى للتعريف المبسط بماهية الصناديق الاستثمارية، ولماذا نشأت ومزايا الاستثمار فيها وضوابطه.
ماهية الصندوق.. ولماذا؟
تتكون فكرة صناديق الاستثمار ضمن المفهوم الضيق، في قيام عدد من صغار المستثمرين بتجميع أموالهم لكي تستثمر في أسواق الأوراق المالية بواسطة مؤسسات متخصصة بغرض تحقيق مزايا لا يمكن لهم تحقيقها منفردين، فخبرة مديري الاستثمار ومتابعتهم للتطورات التي تتأثر بها الأسواق المالية تضمن تحقيق عوائد أعلى مما لو قام المستثمر غير المتفرغ وغير المتخصص باستثمار أمواله بنفسه.
وتؤسس هذه الصناديق على صفة شركة استثمار (Investment Company) تشرف عليها جهات حكومية متخصصة لغرض الرقابة والتوجيه. وتقوم هذه الصناديق بجمع الاشتراكات عن طريق إصدار وحدات استثمارية متساوية القيمة عند الإصدار شبيهة بالأسهم.
ولا يجوز لهذه الصناديق مزاولة أي أعمال مصرفية، وعلى وجه خاص إقراض الغير أو ضمانه أو المضاربة في العملات أو المعادن النفيسة، كما لا يجوز لهذه الصناديق أن تتعامل في القيم المالية المنقولة الأخرى أو غيرها من مجالات الاستثمار إلا بترخيص خاص وفي حدود نسبة الاستثمار التي يقررها، على أن يقدم الصندوق دراسة تتضمن بيانا بمجالات القيم المنقولة وغيرها من المجالات الأخرى التي يرغب الاستثمار فيها ومبررات ذلك ونتائج الاستثمار المتوقعة.
لماذا الصناديق؟
وتبدو أهمية الصناديق في أن المجتمعات الإنسانية تنقسم منذ القديم إلى فئتين؛ فئة الفائض وتتكون من أولئك الأفراد الذين يتوافر عندهم مدخرات تفيض عن حاجتهم الآنية، وفئة العجز وهم الذين يحتاجون إلى أموال لغرض الاستثمار مثل التجار وأرباب الصناعة... إلخ.
وكانت العلاقة بين هاتين الفئتين في القديم مباشرة، حيث يتم نقل الفوائض المالية إلى فئة العجز من خلال هيكل العلاقات الاجتماعية القائمة كالقرابة والجوار والصداقة والانتماء إلى نفس المهنة أو القبيلة... إلخ حيث تكون المعلومات الصحيحة في متناول الفرد، كما أن لديه القدرة على المتابعة والمراقبة والتحصيل بصفة مباشرة.
إلا أن مثل هذا الترتيب كان عاجزا عن النهوض بحاجات المجتمع بعد أن توسعت النشاطات الاقتصادية، وكبر حجم المجتمعات فلم يعد ممكنا للفرد أن يتحقق من صحة المعلومات التي يقدمها مستخدمو الأموال، كما لا يتمكن من المتابعة والتحصيل للقروض والمشاركات إلا بتكاليف باهظة؛ فولدت البنوك التجارية كمؤسسات غرضها الأساسي التخصص في التحليل الائتماني وتحقيق اقتصاديات الحجم الكبير في جمع المعلومات وتحليلها فأصبحت وسيطا ماليا يعزل فئة العجز عن فئة الفائض. فأرباب الأموال ليس عليهم إلا الاطمئنان إلى أن المؤسسة المصرفية التي يودعون أموالهم فيها لديها القدرة المالية لرد الأموال عند حلول الأجل ولا حاجة بهم إلى الاهتمام بالاستخدامات النهائية لأموالهم.
وتضمن المؤسسة المصرفية الأموال لأولئك المودعين؛ لأنها تحصل عليها على أساس القرض، فتستفيد هي من قدراتها الفائقة في جمع المعلومات وتحليلها. فالمخاطرة التي يتحملها المدخر هي مخاطرة البنك فقط، أما مخاطرة الاستثمار فيتحملها بصورة مباشرة البنك وحملة أسهمه وليس المدخر.
وجلي أن هذا التطور أي ظهور البنوك التجارية إنما وقع بسبب التكلفة العالية للحصول على المعلومات، فكان طبيعيا لما تحسنت سبل الاتصال وارتقت وسائل الحصول على المعلومات وتطورت أسواق المال بحيث أضحت وعاء تتجمع فيه المعلومات الصحيحة والدقيقة والآنية عن أحوال الأسواق ووضع الشركات... إلخ. عند توفر ذلك كله اتجه المدخرون مرة أخرى إلى الرغبة في إلغاء دور الوسيط المالي (البنك التجاري) والاتجاه مباشرة إلى مستخدمي الأموال أي إلى فئة العجز.
القوائم الماليه