الإنسان اجتماعي بطبعه ، يعيش وسط الناس ، يحتك بهم ، يجالسهم يتحدث إليهم . يناقش هذا و يحاوره ، و ينتقد ذاك ، و قد يذم الآخر ... يناقش كل شيء و يقوم بتقييم كل شيء وفق قناعاته و منضو ره الشخصي , و قد يتحرى الصدق حينها إن لم يبالغ في ذلك . فالأمر هنا يتعلق الطرف الأخر .
إن فشلنا في صداقة أو علاقة فالسبب الطرف الآخر ، و الأوصاف جاهزة : خائن ، طاعن الظهر ....
إن فشلت قصة حب لنا ، فالمتهم ( هو أو هي ) و النعوت متداولة : محترف الغدر، لعوب بالعواطف ...و هلم جره .
دائما قفص الاتهام مفتوح بابه اتجاه الآخرين
هل فكرنا يوماً الجلوس مع الذات ؟
هل وضعت يوماً مرآة أمامك ، لا لترى من خلالها صورتك و تحسن من أناقتك ، بل لتحاول معرفة ذاتك و لتقييمها و محاسبتها إن كان الأمر يستدعي المحاسبة ؟ هل أحصيت يوما عيوبك كما تحصي عيوب الآخرين ... ؟
كم عيباً تخلصت منه و كم ميزه حسنه سعيت لاكتسابها و تعلمتها. وما دور المعرفة إن لم تستطع أن تقيم ذاتك بشكل دقيق و صائب و صريح ؟
إن الجلوس مع الذات هو لقاح التجديد و التجدد ، وهو تنقيح النفس من " أوامرها السيئة" ، و لا أسوأ من أنانية جوفاء تدعي التنزه بعنوان المعصومية و وراء لافتة " الكمال و التمام ".
كلنا نتغنى بالإنسانية ، لكن انعدام الجلوس مع الذات ، يضع الزهور على قبرها ...