أنا متزوج ولي ثلاثة أطفال ، أكبرهم في الرابعة عشرة وأصغرهم في الخامسة ، أنا موظف كبير بالدولة ، ومالياً مستقر ، ولدي بيت ملك وزوجتي ربة منزل تصغرني بأربع سنوات وهي على خلق واستقامة وأهلها من خيار المجتمع ، خلال الأشهر القليلة الماضية لاحظت أن زوجتي قد تغيرت قليلاً ، فلم تعد تهتم بالمنزل والأولاد وأصبحت عصبية في تعاملها مع الأولاد ، وغالباً ما أصبحت ألحظ أنها نعسانة ويغالبها النوم في النهار على غير عادتها ، ولم أشك في يوم من الأيام ، بأنها قد تخونني أو تفعل ما يهينني أو يمس كرامتي .
فأنا قد تزوجتها عن حب ، ولم أبخل عليها مادياً ولا معنوياً ولا حتى عاطفياً ولم أهملها في يوم من الأيام ، بل هي دائماً في مقدمة اهتمامي ، ولكن للأسف لاحظت بالصدفة في أحد الليالي بعد الساعة الرابعة فجراً بأنها سهرانة على الكمبيوتر فقلت لها، ما الذي يجعلك لا تنامين حتى هذه الساعة؟ ولماذا قمتي من فراشك بعد منتصف الليل؟ فقالت بأنها ذهبت لدورة المياه ومن ثم طار النوم من عينيها فقررت أن تكتب رسالة لبنت خالتها بأمريكا!!! فقلت زين..... سلمي عليها ، ولم أعط الموضوع أي اهتمام ولم يجعلني أشك بأي شيء ، ولكن بعد عدة أيام تقلبت في فراشي فلم أجد زوجتي ! تسللت إلى غرفة المكتب فوجدتها مرة أخرى على الكمبيوتر وهي في حالة ارتباك ومن ثم أغلقت الجهاز بسرعة ، وقالت ..... حبيبي ويش صحاك ؟ قلت لها وحشتيني و أفتقدك بالسرير ، وقالت خلاص نروح ننام سوى ! ولكني لاحظت شيء غريب في تلك الليلة ، وهو ما جعلني أشك فيها ! لأول مرة في حياتي أجد بأنها لا تستطيع وضع عيناها في عيني وكأنها تتهرب مني ! عموماً .
تعوذت من الشيطان وقلت .... لا لا غير معقول ... أكيد مافي شئ .... وتكررت القصة عدة مرات خلال شهرين من الزمان ، وفي كل مرة تقول بأنها تراسل بنت عمها بالماسنجر لأنها ما تقدر تكلمها في غير ذلك التوقيت ، خاصة مع وجود فارق التوقيت بيننا ، ولكن حقيقة هو أن بذرة الشك كانت قد زرعت في قلبي منذ تلك اللحظة ! فبدأت ألاحظها، وبدأت أتحرى صحة المعلومات ، واتصلت على زوج بنت خالتها بأمريكا (من المكتب) واطمأننت عليه وتفاجأن بأنه يسأل عن أخبارنا وأحداث قديمة إلي حد ما ، وقلت له ما شاء الله زوجتك وزوجتي كل يوم على الماسنجر ، وأنت ما تعرف الأخبار الجديدة للعائلة؟ فقال .... أنا زوجتي ما عندها ماسنجر الحين ، والكمبيوتر عطلان من أكثر من أربعة أشهر وهي زعلانة أنها اتصالاتها قلت بحكم سعر المكالمات الهاتفية .
وحينها تأكدت بأن الأمر خطب ما و شئ غلط ، فقمت بتشديد المراقبة واستطعت أن أستعين بأحد الأصدقاء الخبراء بالكمبيوتر ، وزرعت برنامج صغير يسجل كل المحادثات الخاصة بالشات والماسنجر ، ويحفظها في ملف مخفي دون علم زوجتي ولقد قلت له بأنني أراقب ابني اللي عمره 14 سنة وكنت كل ليلة ادعي الاستغراق بالنوم ووجدت بأنها ما إن تشعر بأنني نمت ، حتى تقفز بسرعة خارج الغرفة لتشغيل جهاز الكمبيوتر !!!! ولقد تفاجأت وصدمت بأن زوجتي على علاقة غرامية مع شاب يصغرها بعدة سنوات وتتحادث معه يوميا أكثر من ستة ساعات متواصلة وأحيانا أكثر ! وهي تشاركه العضوية في منتدى ثقافي على الانترنت .
وتعرفت عليه هناك ، وبدأت معه العلاقة بداية بإعجاب بالأسلوب ومن ثم نقاشات جانبية ، ومن ثم تبادل للمعلومات بحكم كونه مشرف على أحد أقسام ذلك المنتدى حتى تطور الأمر إلى ارتباط عاطفي ولا تستطيع أن تترك الكمبيوتر كثيراً لأنها مغرمه به ، وتريد أن تكون أول من يرد على مواضيعه وهو أيضاً يرد على مواضيعها أول بأول ! والصدمة التي أذهلتني أكثر هي أنني اكتشفت بأن الأخ عاطل عن العمل ، وهي تصرف عليه من مصروف بيتي ، بل الأدهى والأمر هو أنها تدفع له فواتير الهاتف المحمول ! وعلى الرغم من غليان الدم بعروقي وغضبي الشديد منذ أول يوم ، اكتشف فيها خيانتها لي ، إلا أنني إلا أنني آثرت عدم البوح بما في صدري ، حتى أمسكها متلبسة وأواجهها مواجهة حاسمة ، وقررت الدخول للمنتدى معهم باسم مستعار وضللت أسبوعين أشارك كثيراً بالمواضيع .
وأرد هنا و أتابع هناك ، حتى تعرفت على كم عضو واكتسبت ثقتهم وقد تحدثت معهم عدة مرات على الماسنجر ، ثم جاءت سيرة البنات بالمنتدى فصدمت بأنهم على علم بأن فلانة (زوجتي) على علاقة غرامية مع المشرف الفلاني ، وعادة غرامياتهم مفضوحة بحكم سيل المدائح والمجاملات بينهم وهو أمر معلوم بين الأعضاء جميعاً ، في ليلة من الليالي وجدت مشاركة لزوجتي تصرح فيه بحبها لذلك المشرف (بشكل غير مباشر وكأن المشكلة العاطفية لغيرها) وتطلب المشورة من بقية الأعضاء بكيفية التخلص من العوائق الاجتماعية وكيفية إقناع الأهل بصدق الحب والمشاعر ، من خلال الانترنت وكيفية التغلب على الشعور بالذنب والتي تقف حجر عثرة أمام اندفاعها لهذا الحب! فتتبعت مواضعهم ، ومراسلاتهم حتى وجدت الكثير والكثير من الأدلة التي تدينها وواجهتها فأنكرت تماماً ، وأصبحت تبكي وتتهمني بأنني رجل ظالم ولا أضع للعشرة أي اعتبار ، وأنني أصبحت رجل موسوس وشكاك .
وبعد أن انتهت من التمثيلية قلت لها كيف حال ......... المشرف الفاني الذي اسمه الأول .......... فصعقت وحاولت المراوغة فقمت بتشغيل الكمبيوتر وأطلعتها على كل الأدلة وأطلعتها على فواتير الهاتف المحمول ، وواجهتها بالمواضع والقصائد الغرامية بينهم بالمنتدى ، وقلت لها أنت طالق بالثلاث ، فاذهبي إلى بيت أبوك فأنت إنسانة حقيرة ومريضة بمرض المراهقة المتأخرة وهذه قصتي المحزنة والمخجلة والمؤلمة باختصار .
أخي العزيز أهلاً بك ، هون علي نفسك ، وكفي بالإنسان علي نفسه رقيباً وكفي بربك بذنوب عباده خبيراً بصيراً .أخي ، لن أواسيك ، أو أقف منك موقف الواعظ فقد حدث ما حدث ووقع الطلاق بعد كل ما كان من شرخ أصاب علاقتكما ، لا أظن أن لهذه المرأة أي عذر، فما حدث كان متوقعاً تماماً ، لكن ما حدث كان هو التطور الطبيعي لكل ما كان من أمر زوجتك
فالخيانة أخي العزيز هي أبشع ما في الوجود و وقد زاد من وطأتها الوحش المسمي بالنت والمنتديات ذلك الشيء اللعين الذي سلب الكثيرين عقولهم ، وأصابهم بالعته والبلاهة فصاروا له عبيداً مأمورين ، وكأنه ساحر شرير .
لا شك أن زوجتك أخطأت حين اندفعت نحو الشات والنت هذا الاندفاع الأهوج وهي الزوجة العاقلة والأم الرؤوم ، فخسرت بذلك حياتها وأولادها ، أنا لا أحمل الشات المسئولية فلو لم يوجد الشات لوجدت زوجتك أي وسيلة أخري تدفعها نحو الخيانة ، فالظروف التي تدفع الكثيرين نحو الخيانة هي واحدة لدي الجميع لكن هناك من يستسلم وهناك من يقاوم احتراماً لنفسه ودينه ومبادئه ومن سيحملون معه إثم الخيانة وسيحاسبون بذنبه من الناس .
قصتك أخي العزيز ليس فيها ما يخجل أو يخزي فلا أحد يحمل عن الآخر وزره
فكل معقول مسئول عن أفعاله ومحاسب عليها أمام الله
ولعل الطلاق يكون عبرة ودرساً لها لتعرف أنها أخطأت في حق نفسها وبيتها وزوجها وقبل كل هؤلاء أخطأت في حق نفسها حين اندفعت نحو الخيانة ولو عن طريق المراسلة
أخي العزيز زوجتك ليست هي الأولي والأخيرة المخطئة فكلنا يخطئ ، والعبرة ليست في الخطأ لكن في الإصرار عليه وعدم إعمال العقل والتفكير حتي المنطقي السليم وليس التفكير الروحاني القائم علي منطق الثواب والعقاب والذي أصله المنهج القرآني في قوله تعالي " كل نفس بما كسبت رهينة "
لكن أبسط قواعد المنطق والوقاعد المادية القائمة علي حسابات المكسب والخسارة تؤكد أن العاقل هو من يحسب مكسبه من أي خطوة يقدم عليها أو أي عمل يقوم به .
لو كانت زوجتك فكرت بهذا المنطق لرجحت كفة بيتها وزوجها وأولادها علي حساب أي كفة أخري
لكن فيما يبدو أنها عديمة الخبرة قليلة المعرفة سطحية الفكر والدليل أنها اندفعت بكل هذه السذاجة وتركت أمرها ينكشف لديك ببساطة ، دون أن تأخذ حذرها أو تتنبه لشكوكك فيها ، ولذلك اطلب منك أن تمهل نفسك وتمهلها فترة من الوقت بعد الطلاق ليراجع كل منكم نفسه
فتسأل أنت نفسك هل مستعد أن أسامحها
هل أطوي ما مضي وأبدأ معها من جديد ؟
هل عادت إلي رشدها وندمت فعلا علي ما فعلت ؟
ويكون الطلاق فرصة جيدة بالنسبة لها تشعر وقتها أنها الخاسرة في هذه المعركة التي دخلتها بسلاح الطيش والرعونة
فتتأكد وقتها أنها خسرت البيت والأولاد والزوج الطيب ، بل وستجد نفسها أيضاً وقد خسرت الحبيب المجهول العاطل عن العمل لأن أمثال هؤلاء خلقوا لخراب البيوت لا لإعمارها ، ويساعدهم في ذلك للأسف السذج من أمثال زوجتك الذين يخدعهم معسول الكلام وتطربهم الأغاني حتى ولو كانت نفاقاً ، ويغرهم لمعان الماء علي سطح البئر فإذا اقتربوا منه لم يجدوا إلا سراباً ،.
ولتعلم زوجتك أنه ليس كل ما يلمع ذهباً ، وأن العبرة ليست بالكلام وما أكثره ، وان ما تقدمه اليوم هو ما ستجده غداً فالإنسان ليس إلا نتاج عمله ، فإن هي اختارت البيت والأولاد وضحت بنفسها وفضلت سعادتها علي سعادتهم فقد اختارت خيري الدنيا والآخرة وسيكون لها عائد ما أعطت ونتاج ما قدمت
وإن أصرت علي الأنانية وفضلت نفسها وملذاتها علي الجميع فلها عاقبة ما اختارت وعليها وزر ما اختارت وقدمت وستدفع ثمنه من محبة أولادها حين تكون في احتياج فقط إلي نظرة رضا من عين أحدهم
وفي النهاية يجب عليك أن تحتفظ بتعاطفك التام مع زوجتك واستعدادك للصفح عنها إن شئت فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها ، اطلب من الله لها الهداية
عواطف عبد الحميد