اتهمت قوات الاحتلال بقتل 30 في قصف منزل جمعت فيه مدنيين ...
الأمم المتحدة تدعو إلى تحقيق دولي مستقل في «جرائم حرب» في غزة
دعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي أمس إلى إجراء تحقيقات «مستقلة وذات صدقية» في شأن انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في غزة قد تصل إلى حد «جرائم حرب»، فيما اتهمت المنظمة الدولية الجيش الإسرائيلي بجمع 110 مدنيين، نصفهم أطفال، في منزل في غزة وقصفه، ما أدى إلى استشهاد 30 منهم.
وقالت بيلاي، وهي أكبر مسؤولة عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إنه يتعين نشر مراقبين حقوقيين تابعين للمنظمة في إسرائيل وغزة والضفة الغربية لتوثيق الانتهاكات ومرتكبيها. وأضافت في كلمة أمام جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية: «يتعين ضمان المحاسبة على انتهاكات القانون الدولي. وكخطوة أولى يتعين إجراء تحقيقات مستقلة ذات صدقية وتتسم بالشفافية لتحديد الانتهاكات والمسؤولين عنها».
وأشارت إلى أن «انتهاكات للقانون الدولي قد تصل إلى مستوى جرائم حرب، ويمكن أن تطبق عليها بنود المسؤولية الجنائية الفردية». وشددت بيلاي على أن «إسرائيل وحماس يجب أن تحترم المبادئ الثلاثة الأساسية لقانون حقوق الإنسان الدولي المتضمن في معاهدات جنيف»، وهي التكافؤ في استخدام القوة، والتمييز بين المقاتلين والمدنيين وبين الأهداف العسكرية والبنية الاساسية المدنية، واتخاذ الإجراءات الممكنة لتجنب قتل المدنيين عن طريق الخطأ.
وقال ديبلوماسيون إن جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف من المتوقع أن تتبنى مشروع قرار يوبخ إسرائيل بعد المحادثات التي قد تمتد حتى الاثنين. وعقدت الجلسة الطارئة بناء على دعوة من دول نامية تدعمها روسيا والصين وكوبا. وتتمتع المجموعة بغالبية بين أعضاء المجلس الذي يضم 47 دولة، وأوقفت الولايات المتحدة فعلياً مشاركتها فيها.
وحذرت بيلاي، وهي جنوب أفريقية وقاضية سابقة في المحكمة الجنائية الدولية، من أن «الإضرار بالمدنيين نتيجة لصواريخ تطلق من قطاع غزة على إسرائيل أمر غير مقبول. والغارات الجوية الانتقامية من جانب القوات الإسرائيلية تتسبب في قتل كثيرين وتعريض المدنيين والبنية الأساسية المدنية لخطر بالغ».
واتهمت الأمم المتحدة أمس الجيش الاسرائيلي بقتل 30 مدنياً من بين 110 كان جمعهم في منزل في غزة. وقال مكتب الامم المتحدة لتنسيق الأنشطة الإنسانية في بيان إن الحادث «هو من أخطر الحوادث منذ بدء العمليات» العسكرية في القطاع. وأوضح أن «شهادات افادت أنه في الرابع من كانون الثاني (يناير) الجاري، قام جنود بجمع نحو 110 فلسطينيين في منزل واحد في حي الزيتون (نصفهم من الأطفال) وأمروهم بالبقاء في الداخل».
وأضاف أنه «بعد 24 ساعة على ذلك، قصفت القوات الإسرائيلية المنزل مرات عدة ما أدى إلى مقتل ثلاثين شخصاً». وأشار إلى أن «من نجوا وتمكنوا من السير مسافة كيلومترين وصلوا إلى شارع صلاح الدين حيث نقلوا إلى المستشفى في سيارات مدنية. وتوفي ثلاثة أطفال، أصغرهم في شهره الخامس عند وصولهم» إلى المستشفى.
وتلقت منظمة «بيتسليم» الحقوقية الإسرائيلية شهادة تؤكد رواية الأمم المتحدة، لكنها لفتت إلى أنه من الصعب جداً فهم تسلسل الأحداث في شكل واضح وكامل بسبب صعوبة الاتصالات في غزة والمعارك التي تمنع من التنقل. ونقلت عن ميساء فوزي السموني (19 سنة) من سكان حي الزيتون أن الجنود اقتادوها مع ابنتها البالغة من العمر تسعة أشهر ونحو ثلاثين آخرين من أفراد العائلة إلى منزل أحد أقاربهم. وروت الفتاة: «أمرنا الجنود بمرافقتهم إلى منزل وائل السموني، وهو عبارة عن عنبر اسمنتي تقارب مساحته مئتي متر مربع... كنا أساساً ثلاثين ثم أصبح مجموعنا سبعين. مكثنا حتى اليوم التالي من دون ماء ولا طعام».
وفي صباح اليوم التالي، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على أشخاص حاولوا مغادرة المكان لجلب أقارب آخرين. وبعد لحظات سقطت قذيفة على المنزل. وتابعت: «حين سقطت القذيفة ارتميت أرضاً على ابنتي. انتشر الدخان والغبار وسمعت صراخاً وبكاء. وحين تبدد الدخان بعض الشيء نظرت من حولي وشاهدت عشرين إلى ثلاثين شخصاً قتلى ونحو عشرين جريحاً». وكانت إصابة ميساء طفيفة، لكنها قالت إنها فقدت زوجها ووالديه وسبعة من أقاربها المباشرين. أما رضيعتها، فخسرت ثلاثة أصابع.
الصليب الأحمر
من جهة أخرى، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس أنها حدت موقتاً من عملياتها في مدينة غزة بعدما تعرضت إحدى آلياتها لإطلاق نار. وقالت الناطقة باسم الصليب الأحمر في القدس آن صوفي بونفلد: «أصيبت إحدى شاحناتنا بإطلاق نار فيما كانت تتقدم قافلة من 13 سيارة إسعاف كانت تنقل مساعدات طبية إلى جنوب قطاع غزة. ولدينا دوافع قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن الطلقات النارية كان مصدرها الجيش الإسرائيلي».
وأشارت إلى أن الصليب الأحمر حد من أنشطته في غزة بصورة موقتة «في انتظار مراجعة الترتيبات الأمنية» التي يفترض أن تسمح له بالعمل في مناطق المعارك. وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» أول من أمس تعليق مجمل نشاطاتها الإنسانية في قطاع غزة بعدما أصابت قذيفة اسرائيلية إحدى قوافلها.
وفي القاهرة، حذر مسؤول في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أن انعدام الأمن في قطاع غزة يعرقل جهود توزيع المساعدات الغذائية التي يعتمد عليها 80 في المئة على الأقل من سكان القطاع. وقالت الناطقة باسم البرنامج نانسي رونان الموجودة على معبر رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة، إن «الحاجات (الغذائية) هائلة». وأضافت أن «80 في المئة من الاهالي في حاجة الآن (للمساعدات الغذائية) وربما أكثر من ذلك... لقد أدخلنا الأغذية إلى غزة، لكننا نواجه مشاكل في التوزيع بسبب الوضع الأمني