مفتاح سعادتك بيدك ..تستطيع أنت أن تصنع سعادتك
كما تستطيع أن تحفر قبراً بأظافرك تشقى فيه بقية عمرك...!
نعم .. هناك إرادة قوية تنطوي في كيانك ،
لو استطعت أن توجهها إلى ضبط تصرفاتك ، وتقويم أخلاقك وسلوكياتك
على ضوء منهج الله الذي شرعه لك ،
واضعا نصب عينيك ، سيرة اروع من عرفته الدنيا ،
وتباهت به السماء والأرض ، أعني محمدا صلى الله عليه وسلم
وهل مثل محمد أحد في العالمين ؟!
لا رب الكعبة ..
ثم تجالد نفسك وتجاهدها كلما رايت منها زوغاناً عن هذا الطريق
تلزمها العودة إلى الجادة التي يرضاها الله
ولو شق ذلك على النفس وصعب ..
وثق جيدا أن المشقة إنما تكمن في بداية الرحلة ،
ثم تهون الأمور ، بل تحلو وتعذب .!
نعم .. ومن ثم :
فلا هوادة مع وسواس الشيطان وتلبيساته ،
ولا هوادة مع رغبات النفس الأمارة بالسوء ..
بل تشمير وجد ، ورفرفة في السماء ..
وفرح سماوي خالص : أنك مع الله تعيش وله تحيا ،
في الوقت الذي يتمرغ كثيرون في أحضان الشيطان
يرضعون من أثدائه المدلاة لهم !!
القاعدة تقول :
إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله تعالى
فانظر موقفك من الطاعة والالتزام بشرعه ..
فإن كنت مقبلا عليه ، ملتزما بما كلفك به ،
متجانبا ما نهاك عنه ، نافرا منه ، كارها له ..
فاحمد الله عند ذاك .. فإنك في نعيم وجنة معجلة
حتى لو لم تشعر بنفحات ونسائم هذه الجنة التي أنت فيها
ولكنها ستهب على قلبك ولو بعد حين ..
المهم أن تواصل الطريق ، في إصرار
ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ، وهم يسخرون منك
فقد سخروا من خير الخلق وأحبهم إلى الله
كما تسخر العصافير الصغيرة من الصقر المحلق عاليا في الفضاء !
وكما تسخر الحصى من النجوم ..!!
وكما يسخر المستنقع ، من النهر الجاري العذب ..!!
( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ *
وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ)
نعم .. مطلوب أن تعزم .. وأن تقطع التردد باليقين
وأن تمضي مصرا على أسنانك أن تجاهد أهواءك
فإن زللت .. ووقعت .. وتعترت ..
فلا ضير .. نعم لا ضير ما دمت مصرا على المضي قدما
لتصل إلى الفردوس ، ورضوان من الله أكبر ..
تزل بسبب غفلة تمر بك ، فليس معنى هذا نهاية العالم ..!
وليس معنى هذا أن كل شيء انتهى ..
وليس معنى هذا أنك أنك أصبحت مرجوماً ملعوناً مطروداً ..
لا ، لا يضحكن عليك الشيطان ..
بل تعثرك وزللك هذا أدعى لك إلى محاولة جديدة بوعي أكبر
ويقظة اقوى ، وحضور أتم ..
فلا معنى لليأس ..
فشلت في المرة الأولى والثانية والثالثة والعاشرة .. لا عليك
واصل الطرق ، وامضِ قدما وأنت في تمام الثقة ،
فإن الله يحب أن تعود إليه في كل مرة
كل ما عليك أن تفعله هو :
أن تنفض عنك غبار الغفلة ، وترفع راسك إلى السماء
وتتطلع إلى الأفق وتجدد التوبة ، وتندم على ما كان
وتشمر من جديد ، وتحرص على أن تكون أكثر يقظة ..
إذا علم الله صدق نيتك ، وصدق عزيمتك ، وصدق توجهك ،،
وصدق مجاهتك لنفسك من أجل رضاه سبحانه :
سوف يمدك بمدد من عنده ،
ومع المدد ستجد النور يتدفق في قلبك فيضا بعد فيض
وعندها ستهب على قلبك نسائم سماوية تشدك شدا إلى الجنة
قد تكون هذه النسائم متقطة ، وعلى فترات ،
ولكن كل لحظة منها ، تساوي الدنيا بما فيها ومن فيها !
وفي مثل هذه اللحظات الربانية يقول القائل :
نحن في لذة لو عرفها الملوك وابناء الملوك ،
لقاتلونا عليها بالسيوف ..!
وقال الشاعر :
بغى الملوك علينا حينما علموا *** أنا سمونا عليهم دون تيجانِ !
يلخص لك هذه القضية كلها بتفاصيلها التي ذكرناها والتي لم نذكرها
قول الله سبحانه وتعالى في كلمات معدودات :
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)
احمل سيف المجاهدة لضرب أهوائك التي لا يحبها الله
ثم أبشر بكل خير ..
مصبيتك تكمن في متابعة الهوى .. ومتابعة الهوى هوان
ومع الهوان شقاء يعصف بالنفس من داخلها ..
حتى لو بدأ صاحب الهوى للناس يضحك ويغني ويرقص !!
كتب الله ليذلن من عصاه ..
كتبّ اللهُ ليُذلنّ من عصاه ..