بعد وفاة ستيف جوبز قال الكثيرون أن أبل بدأت رحلة النهاية وجاء الآي باد الجديد الذي ضم فقط شاشة ريتنا لكن فعلياً لا يوجد أي شيء مختلف بشكل كبير عن الآي باد 2، ثم أعلنت أبل عن نظام التشغيل iOS 6 الجديد ورغم المزايا التي جاءت به لكنه لم يرضي طموح المستخدمين ورأوا أنه أقل مما توقعوا من أبل، وبنهاية هذا الأسبوع سوف تعلن أبل عن نتائج الربع المالي الثالث الخاص بها ويرى عدد من المحللين أنها ستكون أقل من المتوقع لأول مرة في تاريخ الشركة لكن هل يمكن أن تسحب جوجل وسامسونج البساط من تحت أقدام أبل؟ ربما تبدو أبل أكثر قوة من أن يحدث هذا معها لكن دعونا نأخذ عبرة من الماضي ونتذكر كيف خسرت شركة نوكيا سوق الهواتف الذكية؟
شركة نوكيا تمر بأسوء أعوامها وأكبر أزمة مالية منذ إنشاء الشركة، فقدت لأول مرة لقب أكبر شركة مصنعة للهواتف في العالم وتنخفض المبيعات بشكل مستمر مما اضطر الشركة إلى إغلاق مصانع والتخلص مما يزيد عن 40 ألف عامل ( أكثر من ربع العمالة ) وذلك لتقليل النفقات حيث تمتلك عدد عمالة ضخم ومصانع ذات قدرة إنتاجية أكبر من حاجة السوق لأجهزتها، لكن هل تعلم أن نوكيا في نهاية القرن الماضي وضعت تخيل لمستقبل الهواتف؟ حيث أنفقت ملايين الدولارت في نهاية التسعينيات في الأبحاث العلمية لتضع تصور لمستقبل الهواتف فقد كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أنه قبل 7 سنوات من إعلان ستيف جوبز عن الآي فون قام فريق نوكيا بالكشف عن تخيل لهاتف ذو شاشة ملونة تعمل باللمس أسفلها يوجد زر واحد فقط – هل يشبهه هذا التصور شيء مألوف لك؟
جدول يوضح التغير في مبيعات شركة نوكيا 2011-2012
لم تكتفي نوكيا بتخيل فقط شكل الهواتف لكنها سعت إلى تقديم تقنيات لأول مرة مثل حساس الدوران والذي يتسبب في قلب الصورة مع دوران الهاتف وغيرها من التقنيات لكنها لم تقدمهم بصورة فعالة، وهذا يطرح سؤال لماذا إذا إنهارت نوكيا ووصلت حصتها في سوق الهواتف الذكية إلى أقل من 1% في بعض الدول؟ الإجابة هى أن هذه الافكار توقفت فقط عن مرحلة التخيل ولم تحولها نوكيا إلى واقع عملي وفعلي واعتمدت أنها تقود صناعة الهواتف في العالم فلماذا تقدم تغيير ، أي طبقت مبدأ وهو ” بما أنني أربح بأسلوبي التقليدي فلماذا أبذل مجهود إضافي لتقديم المزيد؟!!! ” لكن جاءت أبل وقلبت سوق الهواتف في العالم وانتبهت سامسونج إلى هذا الأمر مبكراً وأسرعت في تغير هواتفها بشكل جذري وبسرعة خسرت نوكيا ما يقارب من 90% من قيمتها وأصبحت شركة تمتلك فقط براءات اختراع تقدر قيمتها السوقية ب 6 مليار دولار ( قيمة نوكيا السوقية 6.5 مليار دولار ).
ويجب أن نعترف أن نوكيا قد أفاقت وخلال الأشهر الأخيرة بدأت تغيير جذري في أجهزتها فأطلقت عائلة لوميا بالتحالف مع شركة مايكروسوفت أملاً منها في اللحاق بالسوق العالمي وبدأت إعادة هيكلة كاملة للشركة ونتمنى ألا تكون متأخرة.
أطلقت أبل الآي فون وأصبحت على قمة عالم الهواتف وبعد ذلك أعلنت عن الآي باد وسيطر على أكثر من 60% من سوق التابلت حول العالم رغم وجود مئات المنافسين له، وأصبحت أبل هى من تكتب طريق الهواتف فتجد الشركات عندما تطرح هاتف جديد تقول أن هذا الهاتف سيهزم الآي فون وعندما تطلق تابلت يقولون هذا التابلت لمنافسة الآي باد أي أن الشركات كلها تعمل لهزيمة أبل، لكن رغم هذا التنافس بين الشركات لكن أبل لاتزال تتفوق على الجميع في حجم المبيعات والأرباح وهذا الأمر دفع أبل للبطئ النسبي في تطوير أجهزتها مثل الآي باد الجديد والتي تعلم مسبقاً أنه سيسيطر على السوق العالمي حتى وإن لم يقدم جديد بشكل كبير وذلك لعدم وجود منافس يذكر، وكذلك نظام iOS لم تقدم أبل أي نقاط مبهرة به في التحديث السادس معتمدة في ذلك على عدم نضوج المنافسين مثل الأندرويد والويندوز فون لكن إحقاقاً للحق فإن جوجل تقدم طفرات سريعة في نظامها سواء الأيس كريم أو الجيلي بيين وربما لم يبلغ الدرجة الكافية لهزيمة أبل حالياً لكن سرعة تطوره تفوق سرعة تطور ال iOS حالياً.
الخلاصة أن أبل على الخط الفاصل في تاريخ نوكيا وهو البطئ في التطور بسبب التفوق الكاسح، إن تعلمت من درس الماضي ستواصل التفوق، وإن ركنت إلى قوتها ستبدأ الإنهيار، لكن الإنهيار لا يكون سريع للغاية فنستطيع أن نقول أن الآي فون القادم حتى وإن جاء مخيب للآمال سيحقق مبيعات ضخمة لكن السؤال هل سيزيد من حصة أبل في السوق العالمي؟