هل حقًا السماء والأرض تبكيان؟!
قال تعالى: ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29)﴾ الدخان0
ورد في تفسير هذه الآية أقوال كثيرة: أن موضع صلاة الإنسان، ومصعد عمله في السماء يبكيان عليه إذا مات، وذكر أقوال كثيرة على بكاء السماء عند مقتل الحسين رضي الله عنه، مما لا يصح عقلاً ولا نقلاً، وقد قتل سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه، وثلاث من الخلفاء الراشدين عمر، وعثمان، وعلى بن أبي طالب رضي الله عنهم، وعلي أفضل من ابنه الحسين وما رأى الناس شيئًا مثل ذلك0
وكيف تبكي السماء على من فاز بالجنة فأصبح من المقربين في الفردوس الأعلى؟!0
وروى الترمذي حديثًا في هذا الباب وقد ضعفه:[(3178) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ بَابَانِ بَابٌ يَصْعَدُ مِنْهُرَسُولُ اللَّه ِ عَمَلُهُ وَبَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ فَإِذَا مَاتَ بَكَيَا عَلَيْهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ يُضَعَّفَانِ فِي الْحَدِيثِ *] سنن الترمذي0
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم، في كسوف الشمس، يوم مات ابنه إبراهيم في عشرات الأحاديث الصحيحة نذكر واحدًا فقط: (983) حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا) رواه البخاري0
أقول على نفس منهج الرسول صلى الله عليه وسلم: السموات والأرض هما خلقان من خلق الله، آيتان من آيات الله، لا يبكيان على أحد ولا يضحكان لأحد0
وأما النفي في قوله تعالى: ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ ﴾ فهذا النفي للبكت، وليس للبكاء، وأصلها بكتت حذفت إحدى التاءين من أجل الثقل والحذف في مثل هذا في اللغة والقرآن كثير0
أما أريد لفظ التذكير للسماء والسماء تذكر وتؤنث كما في قوله تعالى : ﴿ السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18)﴾ المزمل0 والتذكير أنسب العذاب لما فيه شدة فلا يكون عند ذلك حذف، ولا يحتمل اللفظ التأنيث؛ لأنه مع المذكر بكى، ومع التأنيث بكت0
التبكيت: لغة التوبيخ والتقريع والتعنيف واستقبال المرء بما يكره، وبكته: ضربه بالعصا وبالسيف0
وعلى هذا المعنى والنفي الوارد في الآية أنه لم يأتهم عذاب أو ما يكرهون من السماء ولا من الأرض 00 فعندما تسمع ذلك أو تفهمه 00 تظن أنه لم يأتهم أي عذاب، فنفي أن يكون أصابهم من العذاب القليل هو نفي للعذاب الشديد0
ولكن الله تعالى ختم الآية بما ينفى هذا الفهم الذي تولد في صدر الآية فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ ﴾ أي لم يتركهم الله دون عذاب ولم يمهلهم0 إذن ما الذي الحدث ؟ لقد أغرقهم في اليم 0 فختمت الآية بما يوافق صدرها0
ولو كان "بكت" من البكاء لا من البكت لاختل المعنى لأن نفي البكاء يدل على العذاب الموجب له، ولما احتاج القول إلى نفي أنهم لم يكونوا منظرين لأنهم قد عذبوا فعلاً0
فالآية نفت البكت وليس البكاء والسماء والأرض لا يبكيان على أحد، وحمرة السماء التي قيل فيها ما لا يستحق الوقوف عليه، ظاهرة طبيعية نتيجة انكسار الضوء عند المغيب فافهم ذلك0 من كتاب حقيقة السماوات كما صورها القرآن 000 من دراسات أبو مسلم العرابلي القرآنية
هذى المشاركة نقلناها للفائدة وجزا الله من اعدها وقدمها لنا الخير الكثير ونا مل ان شاء الله ان نستفيد ونتعض
هذا والله الموفق