الإدارة سفينة ضخمة، والسفينة لا يمكن أن تسير بأمان دون ربان ماهر، وللقبطان الماهر خصائص ومميزات إدارية لا يعوض عنها شيء آخر أو تميز آخر والإدارة تخصص وملكة لا يغني عنها تخصص آخر أو ملكات مختلفة .
النظم والإجراءات الدقيقة والمفصلة والمفعلة والمطبقة بدقة ودون تمييز أو استثناء، هي الآلية أو "الميكانيكية" التي تجعل ركاب السفينة وبحارتها وحتى قبطانها يعملون ويتعاملون وفق منهجية واضحة ودقيقة تحقق إنسياب الحركة وتناغم التعامل دون فوضى ومشاحنات واحتقان .
إذا تخيلنا أن الإدارات الحكومية لدينا تشكل عدداً من السفن التي تبحر نحو أهدافها يقود كلاً منها قبطان، فإن من السهل عليك أن تلحظ تلك التي تعاني من سوء القيادة والتخبط، والأخرى التي تمخر عباب البحر بجرأة وتمكن، ولذا فإن من غير المنصف أن نحمل البحر أو الرياح مسؤولية الإخفاق، فالإخفاق لم يحدث لأن الرياح جرت بما لا يشتهي "السَفن" بل لأن السَفن "الربان" نفسه له شهوته الخاصة في مسار الرياح والتي لا تتناسب مع مصلحة السفينة، أو إنه حمل مسؤولية اكبر من قدراته الإدارية ففقد السيطرة تماماً .
الوطن يدفع ثمن منح الثقة في قبطان غير مؤهل، في شكل احتقان للموظفين والمراجعين وتذمر على صفحات الصحف ومواقع الإنترنت وشكاوي للمسؤولين وديوان المظالم وتراجع في أداء وخدمات الجهة الحكومية وقلق اجتماعي وكان بالإمكان تلافي كل ذلك لو أن الرجل المناسب جلس في المكان المناسب .