قصة حقيقية مأساوية
--------------------------------------------------------------------------------
قرات هذه القصة المأساوية فى جريدة Bbc بسبب اختلاف الثقافات
واهديها لكل شاب مسلم يحلم بالهجرة الى اوروبا او امريكا والزواج من اجنبية
بي بي سي - بروكسل
نادت الأم البلجيكية وهي في الأربعين من عمرها كل طفل وطفلة من أطفالها بمفرده إلى حمام الطابق العلوي من المنزل وذبحته بسكين اشترته خصيصاً لهذا الغرض قبل أسبوع من ارتكابها لأبشع جريمة هزت وجدان المجتمع البلجيكي بأسره.
وعلى مدى ساعة ونصف كلما ذبحت طفلاً حملته لتضعه في سريره ثم طعنت نفسها بنفس السكين لتنهي حياتها فمزق السكين رئتها ولم يصل إلى القلب فتم انقاذها إذ كانت قد كتبت على باب الدار قبل أن تطعن نفسها عبارة تطلب من المارة استدعاء الشرطة .
كانت الأم وهي بلجيكية خالصة قد تزوجت من صديقها المغربي الذي يكبرها بعامين فقط قبل أكثر من خمسة عشر عاماً وأنجبت منه أربع بنات كن في السابعة والعاشرة والثانية عشرة والرابعة عشرة من العمر وإبناً واحداً كان عمره أربع سنوات. وكانت كلما أنجبت بنتاً ـ كما تقول وسائل الإعلام المحلية التي ليس لها حديث حتى الآن سوى هذه المأساة المروعة ـ كان زوجها يقول لها سأظل أنجب إلى أن أنجب ولداً.
أحاط الغموض بالحادث بضعة أيام منذ وقوعه في أول هذا الشهر إلى أن بدأت وسائل الإعلام المختلفة تذيع أو تنشر نتفاً من المعلومات عن جوانب عديدة من حياة الزوجين.
كانت أسرة طبيعية على ما يبدو كما قال عمدة بلدية مدينة " نيفيل " التي عاشت فيها الأسرة وكانت الأم بشوشة ضاحكة هادئة الطبع. ولم يكن الأب من الإسلاميين المتشددين فلم يفرض عليها اعتناق الإسلام.
ونقل الإعلام عن المسئولين بمسجد بروكسل الرئيسي أن الزوجة هي التي جاءت بنفسها منذ زمن وأشهرت إسلامها بمحض إرادتها ، فعاشت حياة طبيعية ولكن بمفهوم ثقافة الأب الشرقية.
كثيراً ما كان الأب يسافر بحكم عمله في شركة أدوية تاركاً مسئولية إدارة الأسرة لزوجته التي اضطرت لترك عملها كمدرسة للرياضيات والتفرغ لخدمة الأسرة الكبيرة على الطريقة الشرقية.
شهد الجيران بأن الأسرة كلها كانت تعيش بشكل طبيعي مع المجتمع لكن المدرسة التي كان البنات يدرسن بها شهدت بأن المعروف عن الأب أنه كان حازماً في أسرته وكان يفرض على أطفاله صيام رمضان.
وقالت أخت الزوجة أنه فرض على ابنته الكبرى ارتداء الحجاب فارتدته أسبوعين كانت تبكي خلالهما ثم تخلت عنه لتعيش كغيرها من الفتيات.
ونقلت وسائل الإعلام عن أسرة الأم أنها كانت مستاءة للفكرة التي كانت تراود زوجها بين حين وآخر عن العودة إلى وطنه والاستقرار فيه.
وقبل أشهر قليلة شعرت الأم باكتئاب وبدأت في تعاطي أدوية أعطاها إياها الطبيب النفسي المعالج. وتحقق الشرطة الآن في احتمال أن يكون تصرف الأم بهذه الطريقة مع أطفالها ناتجاً عن آثار جانبية للأدوية أو ربما عن توقفها عن تعاطيها بطريقة غير تدريجية.
والواضح من المعلومات الإعلامية وأقوال الأم في محضر الشرطة المنشور أن الزوج لم يكن يسيئ معاملتها مما ترك في أذهان المجتمع البلجيكي سؤالاً كبيراً عن الدافع وراء ارتكاب جريمة كهذه.
والواضح أيضاً أن الأم عاشت أعواماً طويلة كإمرأة شرقية لا يجوز لها أن تقيم علاقات مع غير زوجها وهو كثير السفر والبعد عنها بل كان عليها أن تترك عملها لتخدم أطفالها، وتخدم أحياناً أقارب الزوج حين يأتون لزيارته ، وتتحول إلى أم تعمل ليلاً ونهاراً على راحة أسرة من ستة أفراد على الأقل كما هو في بلاد الشرق وتتحمل الكثير من المسئوليات ولا تجد لنفسها وقتاً تعيش فيه حياتها الخاصة وهو ما يخالف الثقافة الغربية.
ولا بد من أنها عاشت سنوات طويلة تقارن بين حياة المرأة وفق الثقافة الغربية التي نشأت عليها وحياة المرأة وفق ثقافة الزوج الشرقية، وتفضيله إنجاب الولد ولو كان في ذلك إرهاق للزوجة ، ومحاولته تنشئة بناته وفق ثقافته الشرقية التي يرى أهل الغرب أنها تفرض قيوداً على المرأة. وربما جعلتها هذه المقارنة تعيش في صراع مرير إلى أن أرادت أن تتخلص من نفسها ومما يربطها بهذه الثقافة ولو كانوا فلذات الأكباد.
وقبل ارتكابها للجريمة بأسبوع كتبت خطاباً إلى إحدى صديقاتها تبلغها فيه بأنها سئمت من هذه الحياة وتريد أن تنتحر.
كان الأب في المغرب حيث رافق والدته في عودتها وكانت تزوره ولم تتحمل البقاء في برد بلجيكا ، وبقي هناك شهراً وحين عاد في مساء اليوم الذي ذبحت فيه زوجته جميع أطفاله وأطفالها، أبلغته الشرطة في المطار بما حدث وأخذته للاستجواب ثم أفرجت عنه.
وقف الأب في مسجد بروكسل بين حشد ضخم من الناس من مختلف الأديان والجنسيات ليصلي علي أطفاله الخمسة صلاة الجنازة. ثم أقيمت لهم جنازة أخرى مماثلة في إحدى الكنائس.
ومازال السؤال مطروحاً من المجتمع البلجيكي بمختلف ألوانه على المسئولين وعلى الأم : ما هو السبب في ذبح أم لأطفالها وهو تصرف لا تقبله النفس البشرية في كل الأديان والثقافات.
عادت نعوش الأطفال الخمسة في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء السابع من مارس إلى المغرب حيث جذور الأب الذي كان يريدهم أن يعودوا إليها أحياء.
أما الناس في كل مكان من بلجيكا فمازالوا يبحثون عن سبب ارتكاب الأم للجريمة والبعض منهم يردد مقولة من قال: الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا.