السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كل قرن نسج الفلاسفه والعلماء والدراسون تصورهم حول طبيعة المخ في منتصف القرن الثامن
عشر وصف فيلسوف بريطاني المخ بانه"نظام فريد من الانابيب المفرغة المهتزة" وفي عصر النهضة
الصناعيه كان الوصف المناسب هو تشبيه المخ بالالة واليوم في عصر المعلومات نشبهه بالكمبيوتر ذلك
النظام الالكتروني المكون من معدن وشرائح ثابتة قابلة للبرمجة مع ذاكرة ذات سعة ونظام معين .
الا ان الاكتشافات الحديثة حول المخ جعلت هذا التشبيه غير لائق فاذا تجاوزت حاجاتك قدرات الكمبيوتر
فسيقف امامه عاجزا فلا هو قادر على زيادة محتواه من الشرائح ولا قادر على اجراء اي تعديل بموارده
الداخليه من البايتات كي يعزز ذاكرته او اداءه نعم فتركيبه الفيزيائي قد حسم منذ لحظة خروجه من مصنعه
قد تركله تصب فوقه عناصر الغذاء تسمعه موسيقى تعامله ببراعة لكنه لن يصبح ابدا اكثر ذكاء ولا ينطبق
ذلك على المخ البشري
ان الاعتقاد بكون المخ آلة هو من رفات العلم القديم ان الابحاث الحديثة المتعلقه بالمخ تظهر كعضو نام دائم
التغير معقد الخلايا عضو حي معجز يتفاعل مع المؤثرات داخلية كانت او خارجية وبالضبط كما يتغير تركيب
ووظيفة القلب - سلبا وايجابا - تبعا للغذاء والدواء ومزاولة الرياضه كذالك يفعل المخ
يعلم الان علماء الاعصاب ان المخ شديد الطواعية وكسائر اجزاء جسدك دائم التغير ليس بثابت طيلة الحياة
قد صرح لاري سكوير استاذ علم الاعصاب بجامعة كاليفورنيا بسان دييجو والرئيس السابق للهيئة القومية
لعلم الاعصاب قائلا"
لو اتيحت لك رؤية المخ بكاميرا فيديو وهو يتفاعل مع ما يمر به من تجارب فلا شك
بانك ستراه ينمو وينكمش ويتشكل"
" اهم ما بالامر ان تدرك ان المخ ينمو ويتغير طيلة الوقت" هكذا قال باحث المخ الكبير بروس ماك اوين
بجامعة نيويورك/روكفلير.
"ان التركيب الكيميائي للخلايا العصبية نفسها يتغير لذا فلا وجود لعتاد مادي ثابت غير متغير على نقيض
العتاد البرمجي المتغير" سوازن جرين فيلد في كتابها
the human brain: a guided tour 1997.
حتى وقت قريب كانت معرفتنا بالتركيب الحيوي للمخ البشري محدودة مقارنة بغيره من الاعضاء كالكبد
والكلى والقلب . لماذا؟ الامر في غاية البساطة كما يقول طبيب الاعصاب البريطاني ريتشارد فراكوياك
بمعهد لندن للاعصاب بمقال فريد بمجلة ديدالوس نشر عام 1998 من قبل الاكاديمية الامريكية للعلوم
والفنون لقد كان المخ وببساطة غير متاح للفحص فهو محفوظ بصندوق غير منفذ نسبيا الا وهو الجمجمة
لم يكن من السهل فحصه بمسبر او قطع
جزء منه اثناء الحياة لكن فقط بعد الوفاة وكل معارفنا حول طبيعة عمله كانت بعيدة ومنفصلة عن السلوك
البشري ولكن بدأ الامر يتغير عام 1972 مع البدء في استخدام الفحص بالاشعة المقطعية ثم الفحص باشعة
الانبعاث البوسيتروني والتي تظهر صورا واضحة لتشريح المخ وايضه الغذائي ومتابعة مسار المواد
الكيميائية وهي تشق طريقها خلال مساراتها الخاصة داخل المخ ومع تلك التقنيات الجديدة محدودة
المضاعفات ازداد اهتمامنا بامر المخ البشري الآن وللمرة الاولى بدانا نحن البشر في فهم تفاصيل تركيب
ووظائف مصدر مكانتنا الفريدة وسط الكون ( مخنا البشري ) كيف تعمل مخاخنا وكيف نجعلها تعمل بصورة
افضل لقد بدأ غموض العصور القديمة يتراجع لتحل محله معارف القرن الحادي والعشرين .