هل فهمنا معنى رمضان؟
هناك من ينتظر قدوم هذا الشهر المبارك لزيادة الجرعة الإيمانية التي تمنح الإنسان المسلم قوة دفع ممتدة المفعول، يستعين بها على بقية العام، بكل ما فيه من ملاه ومشاغل تأخذ المرء بعيداً عن ذلك الجو الإيماني الذي لا نجده إلا في رمضان الكريم. وهناك كثيرون ينتظرون قدوم هذا الشهر لزيادة الجرعات التموينية والتخمة والنهم، نعم كثيرون هؤلاء، وليتك كنت معي عزيزي القارئ في زيارة خاطفة لـ«سوبر ماركت» من تلك المحلات التي تصل مساحاتها إلى آلاف الأمتار.
دارت في ذهني تخيلات وتساؤلات وأنا أرى رواد هذا المحل يدفع كل منهم أمامه عربة تنوء بما فيها من مأكولات بدل ان تتفرغ المرأة للعبادة تقضي نهارها في المطبخ وليلها نائمة مجهدة
ومشروبات تكفي لإطعام عشرات الخيام المكتظة باللاجئين في الصومال أو السودان أو غيرهما من بلاد المسلمين.
يمر الشهر، والأسواق تموج بالبشر الباحثين عن كل أصناف المأكولات والمشروبات، قبل أن يبدأ الشهر بأسبوعين تقريباً، وعلى مدى الشهر ذاته اعتدنا رؤية هذه المناظر، وفي كل عام نكتب وننصح ونحذر ونأمل، ولا حياة لمن تنادي.
مما دار في ذهني وأنا أرقب جيوش المشترين - وكأنهم يعدون العدة لسنوات عجاف - الهدف من الصوم.
هل شرع الله تعالى الصيام وفرضه حتى يثقل كاهل الأسر بتوفير هذه الأصناف والأنواع التي - وكلنا يعلم ذلك جيداً - يذهب معظمها إما إلى الصرف الصحي - أعزكم الله - بعد أكلها، أو إلى صناديق القمامة التي تمتلئ بالفضلات التي تزيد عن حاجة أصحابها؟
إسراف فوق العادة، والمسرفون إخوان الشياطين، فهل يهدف الصوم إلى تحويل الصائمين إلى شياطين، مسرفين؟! لا والله. لقد ظلمنا رمضان بسوء استقباله، وسوء معايشته فاستقبلناه، بعربات المأكولات والمشروبات، ونودعه كذلك بمأكولات ومشروبات خاصة بأيام العيد تزيد عن المطلوب. وبدلاً من أن يتفرغ الرجل للعبادة، أصبح يقضي يومه إما نائماً أو باحثاً عن توفير مستلزمات ما بعد الإفطار. وبدلاً من أن تتفرغ المرأة للعبادة، أصبحت تقضي يومها في المطبخ، وليلها - بعد تراويح الدش والتلفاز - نائمة مما واجهته من إجهاد خلال النهار. حلاوتك يارمضان