[SIZE="3"]يخشى من المطر على رسائله ويعامله المارة بطريقة خاصة
الدوسري أول سعاة البريد في الشرقية يقلب دفتر ذكرياته
لا ينساه الاتفاقيون لهذا السبب
اليوم – الدمام
في العام 1377هـ ورغم بلوغه التاسعة من عمره الا انه التحق بالعمل في مرفق البريد بمدينة الدمام وعاصر مراحل نمو هذا الجهاز وبعد مضي عدة أعوام انضم الى قسم التوزيع في البريد ليكون من أول سعاة البريد في المنطقة الشرقية حيث عمل في هذا المجال لمدة عشرين عاما انه العم سالم حمد فرج الدوسري الرجل الذي لم يتوقع ان يعمل ساعيا للبريد رغم حبه لهذه المهنة التي كان يقرأ عنها في كتاب المطالعة حيث ان (ساعي البريد) يوصف بالرجل الامين الذي ينقل للناس الاخبار المفرحة ويدخل عليهم السرور ويجعلهم متواصلين مع اهلهم وذويهم رغم بعد المسافات عنهم.
هجر الدراسة
عندما كان العم سالم في الصف الثالث الابتدائي اخبره مدير مدرسته بوفاة والده لذا لم يكن امامه بعدها الا هجر مقعد الدراسة وهو في التاسعة من عمره خاصة انه اكبر اخوته ولم يكن امامه الا البحث عن عمل وبعد توسط أهل الخير التحق بمرفق البريد ليعمل في البداية بمهنة فراش براتب لم يتجاوز 190 ريالا حيث كان يحضر الشاي وينظف مكتب المدير وعندما بلغ السن التي تجعله قادرا على حمل حفيظة النفوس والتعامل مع شرائح الناس رشحه مديره للعمل في وظيفة (موزع بريد). يصف الدوسري مهنة الموزع او ساعي البريد بالمهنة الشاقة بقوله (كانت الدمام في بداية ممارستي هذه المهنة صغيرة جدا ويتطلب العمل مني التنقل بين احياء الدمام مشيا على الاقدام لمسافات طويلة جدا وكنت استريح في المحلات التي يعرفني اصحابها وكانوا يقدمون لي الفطور والغداء مجانا, ويتذكر العم سالم ان اكثر العمالة في السوق في ذلك الحين كانوا من الجالية اليمنية حيث لم يكن في السوق أي من الهنود والباكستانيين وبقية الجنسيات الآسيوية).
الخوف من المطر
كان العم سالم يخشى اثناء توزيعه الرسائل من المطر حيث يقول (حرصت على المحافظة على الرسائل مهما كانت الاجواء والظروف الجوية التي أعمل فيها وكنت اوزع في اليوم الواحد ما يوازي 35 رسالة حتى وصل العدد بعد ذلك على 250 رسالة يوميا وكان سقوط المطر يخيفني خشيت من ان تتعرض الرسائل التي احملها للبلل والتي قد يكون بعضها يحمل اخبارا سارة للناس الذين باتوا يحترمونني لاني اقوم بدور الساعي حتى ان بعضهم يسميني (راعي البريد).
الدمام القديمة
العم سالم يتذكر الدمام القديمة جيداً حيث يعود بذكرياته ويعلق بقوله (كانت الدمام عبارة عن حارات تعد على اصابع اليد الواحدة وجميعها قريبة من البحر. ففي شمالها كانت الامارة (مبناها القديم) وفي اقصى غربها كان يوجد احد البيوت القديمة وهو بيت عبدالله بن درويش ومن جهة الجنوب كان في اقصاها سوق للحم وحالياً حل مكان هذا السوق جامع خادم الحرمين الشريفين وبقية الدمام كانت عبارة عن مساحات رملية فارغة). ويضيف (كان من المفترض انشاء مستشفى بالدمام في موقع حي العدامة الحالي ولان الموقع كان بعيداً عن السكان اعترض الاهالي عليه لانه كان بالنسبة لهم بعيداً جداً والموقع الحالي للمستشفى يعتبر مستودعا لوزارة الصحة وكان قبل عدة اعوام مستشفى للصدر ومن جهة الشمال يوجد احد المصانع لمشروب غازي معروف ومجموعة من الفلل الملكية ويضيف الدوسري (كان عدد السيارات قليلا جدا في ذلك الوقت وكانت الشوارع الرئيسة قليلة ايضا وكانت صغيرة وممهدة واشهرها شارع الامارة ولم يكن في الدمام سوى عيادتين فقط تعالج كافة الامراض وكان امين نصار من اشهر الاطباء واشهر الخبازين في الدمام كان يدعى فاضل كائن ومقره في شارع الملك فيصل حيث كنت أمر عليه واسلمه الرسائل الخاصة به.
طوابع متنوعة
طوابع البريد كانت الاقرب إلى قلب العم سالم فهو من هواة جمع الطوابع الا انه ترك هذه الهواية بعد عمله في البريد لانه لا يجوز له الجمع بينها وبين عمله كساع للبريد ويقول العم سالم (كانت الطوابع منوعة واسعارها باربعة وسبعة قروش وهناك طوابع تدعى – طوابع الاسعاف - كانت تستخدم في المعاملات والمعاريض الرسمية بحيث يوضع عليها عند تقديمها للدوائر الحكومية كالجوازات والأحوال وغيرها من الجهات الاخرى وكان يتم شراؤه من وزارة المالية وسمى طابع الاسعاف لانه يسهل اجراءات المعاملة في الدائرة الحكومية بمجرد لصقه عليها).
مواقف لا تنسى
في ذاكرة العم سالم مواقف لا تنسى من أبرزها ما جاء على لسانه حيث قال: (كان منزلي وسط السوق وكنت احمل بنتي عندما كانت في الصف الثاني الابتدائي على يد وفي اليد الاخرى احمل الحقيبة التي اضع فيها الرسائل واقوم بعملي في نفس الوقت وكان الناس يشفقون علي عندما يشاهدونني في هذا الحال الا انني اعتدت على الأمررغم كوني اقوم بذلك مشياً على الاقدام خاصة انني لا أملك أي وسيلة نقل).
لا ينساني الاتفاقيون
بعيداً عن الرياضة كان العم سالم مدلكا لفريق الاتفاق ويقول عن علاقته بالكرة والرياضة: بدأت علاقتي مع الكرة من خلال اللعب في الحواري رغم وجود الاندية في ذلك الوقت خاصة ان صغر السن منعني من اللعب في النادي وبعد ان وصلت لسن متقدمة وتجاوزت الطفولة لعبت في الاتفاق بدرجة الاشبال والدرجة الثانية وخضت العديد من المباريات وبعد ذلك تحولت الى سكرتير للنادي ومدلك للاعبين وكنت مسئولا عن ملابس اللاعبين وتجهيزها للتمارين والمباريات ومن اشهر اللاعبين الذين عاصرتهم خليل الزياني وهلال الطويرقي ومحمد الكيال وسالم المخزين ومحمد وابراهيم الفصمة وغيرهم واستمررت مع النادي مرحلة طويلة وحاليا اقوم بالمشاركة في المناسبات الرسمية كالدورات الرمضانية وغيرها وعلاقتي مع الاتفاق مستمرة للأبد لانه مرحلة مهمة في عمري).
مشاهدات.. مشاهدات
ساهم العم سالم في وضع صناديق البريد الخاصة بالايداع في الشوارع وقام باختيار المواقع بالتعاون مع مسئول البريد ويدعى راشد يعقوب الدوسري وقال ان بقاء هذه الصناديق دون تكسيرها يعود لجودتها وتمنى لو كانت صناديق (واصل) بذات الصلابة والقوة حتى لا تتعرض للتكسير من فئات المراهقين.
يعد العم سالم من الشخصيات المهمة في احتفالات البريد باليوم العالمي ويحضر بفعالية في هذه الاحتفالات ويشارك بصفة دائمة بكلمة يعيد من خلالها البريديين الى ذكريات المراحل الاولى لتأسيس البريد والمعاناة التي يجدها كموزع في ذلك الوقت.
عاد خلال الحوار بذاكرته الى طريقة شغل اوقات الفراغ بالماضي حيث قال إن صغار الحي كانوا يجتمعون لمشاهدة التلفاز في احد المنازل مجانا وبلا رسوم لعدم توفر اجهزة التلفاز في المنازل واشار الى ان الكبار كانوا حريصين على البقاء في الاندية لساعات طويلة لممارسة الرياضة وبعض الالعاب الشعبية مثل (الضومنة والكيرم وغيرها) وتمارس هذه الالعاب بعد انتهاء التمرينات للمشاركين في الألعاب الرياضية ويظل الناس في الاندية حتى انتهاء عرض برامج التلفاز عبر قناة وحيدة تابعة لارامكو السعودية.
المصدر : جريدة اليوم : اليوم الإلكتروني
http://www.alyaum.com/issue/article....12705&I=571966[/SIZE
]