(الباحثون عن عمل).. إحباط وأحلام تتبخر كل يوم .. رغم التصريحات الوردية !


محمد مغربي - مفرح الرشيدي - عبده الأسمري - أمين الحجيلي - عبدالرحمن أبورياح - محمد البيضاني - شيرهان إبراهيم - البندري سعود - ليلى المباركي

إحباط .. أحلام تتبخر كل يوم .. انتظار بلا أمل .. تلك هي المشاعر التي تراود الخريجين الباحثين عن عمل الذين حجزوا مواقعهم على أرصفة الانتظار منذ سنوات طويلة برغم كل التصريحات الوردية من مسؤولين لم يستطيعوا قتل هذه المشاعر المتشائمة في نفوس العاطلين الذين لا يريدون سوى الوظيفة .. لا يريدون تصريحات وردية.. ولا إحصائيات ولا كلامًا يتكرر سنويًّا .. فالمستقبل ولقمة العيش أهم من أي تصريحات . كل التصريحات والتقارير تؤكد أن الوظائف موجودة .. إذًا أين المشكلة التي أوقعت هؤلاء في بحر التشاؤم ؟ .. فطبقًا لمصلحة الإحصاءات العامة فالوظائف متوفرة، ولكن طالبيها (الشباب السعودي) لا تتوفر فيهم المهارات التي يحتاجها سوق العمل. بل تؤكد أن الاقتصاد السعودي (يولد) ما يكفي من الوظائف، أي 140 ألف وظيفة سنويًّا. وهنا يبدو أن المشكلة تكمن في الخريجين . ولكن وحسب ما صدر عن وزارة العمل فإن المشكلة تنتقل من الخريجين إلى الجامعات نفسها، حيث تؤكد أن غلبة التعليم النظري في الجامعات والمعاهد أدى لوجود البطالة، وهو ما يبرّئ الجامعيين ( منهم 29 من الجامعيات عاطلات .. و7 % من الجامعيين عاطلون) حسب وزارة العمل نفسها . وما بين مَن يتهم الشباب وما يبرأهم يقف هؤلاء العاطلون في منتصف الطريق لا يعرفون ماذا يفعلون، إلاَّ أن علماء في النفس والجريمة يعرفون تمامًا ما الذي يمكن أن يقوم به “العاطل” الذي يعاني من العدوانية، وتقلص الشعور بالتفاؤل والنقص .. والنتيجة النهائية التي تلي الإحباط ان بعضهم قد يقع في براثن الجريمة.

“المدينة” فتحت الملف الشائك جدًا لتتعرف على قصص ومآسٍ أبطالها عاطلون يحلمون بوظيفة على رصيف الأمل .

في البداية يقول عاطف حسين العوفي: تخرجت من جامعة طيبة بالمدينة المنورة عام 1421هـ تخصص تربية إسلامية ولم يحالفني الحظ في التعيين حتى هذه السنة. ففي كل عام أذهب إلى ديوان الخدمة المدنية، وأتقدم بأوراقي على أمل أن يتم تعييني من قبل وزارة التربية والتعليم، ولكن دون أي جدوى حتى أنني أرى من هم قد تخرجوا بعدي بسنوات يتم تعيينهم.

فيما يقول عبدالله مسلم الصاعدي: أنا ممن تخرجوا من جامعة طيبة عام 1421 هـ تخصص إسلامي، ومن الذين تتبخر أحلامهم في كل عام بعد صدور أسماء المعلمين الجدد، ولا يجد بها اسمًا له فمنذ سبعة أعوام، وأنا على أرصفة الانتظار، وقد تعين من هم بعدنا تخرجا بعد عدة سنوات، وذلك لحصولهم على المعدلات العالية، فلماذا لا تقوم الوزارة بالنظر إلى سنة التخرج وتجعلها في المقام الأول للمفاضلة في التعيين، كما هو قام في بعض الدول العربية فما هو ذنبنا إن كانت معدلاتنا لا تتوافق مع متطلبات الوزارة ؟

أمّا حميد حمود الحربي تخصص لغة عربية فقال: نعاني نحن طلاب الجامعتين (الإسلامية وجامعة طيبة ) من تدهور في صحة أخبار تعييننا في كل عام فالكلام نفسه والروتين كما هو لم تزد علينا سوى المتطلبات ولم نصل مع ديوان الخدمة المدنية ولا الوزارة إلى حل. ففي كل سنة نقوم بإجراء المقابلات الشخصية وتقديم وثائقنا إلى الديوان فلماذا لا يكون لنا رقم ترشيح واحد نراجع به على الديوان؟ فنحن لا نطالب الوزارة بالمستحيل ولا نطالبها بما ليس لنا به حق .

من جانبه يقول يقول جميل محسن المحمدي متخرج منذ عام 1420 هـ تخصص اجتماعيات إن قلة الفرص في تخصصاتنا هذا هراء يتجدد على كل لسان. فنحن لسنا في زمن الأخبار البطيئة أو نعاني من قلة في الوعي فأكثر الشعب قد يكونون معلمين أو لهم صلة في مجال التعليم، وهم إما أن يكونوا إخوانًا أو أصدقاء أو جيرانًا، فإننا نسمع الكثير عن الاحتياج فأين الوزارة من هذا؟

ويقول سامي عوض الحربي 1425 هـ من جامعة الملك عبد العزيز تخصص علم نفس : أوقفتنا الوزارة في منتصف الطريق فلسنا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء لسنا في ركب المعلمين، ولا في ركب المنتظرين، بل في منتصف الطريق فلا نريد من إدارة التربية والتعليم سوى مخافة الله فينا وفي تعييننا .

اما فهد حمود الجابري وممدوح المحمادي من الجامعة الإسلامية تخصص لغة عربية فقالا : تجاهلتنا وزارة التربية والتعليم منذ سنوات ولقد قيل لنا بأن الشهادة الجامعية وحدها لا تؤهل في الحصول على وظيفة تعليمية فقمنا ببذل الكثير وتحملنا الديون لكي نحصل على شهادة الدبلوم العام في التربية ثم طلب منا شهادة الخبرة ولم نيأس فلقد تعبنا في الحصول عليها بين المدارس الأهلية ولكن دون جدوى .

وأكد فيصل السهلي وماجد صالح تخصص لغة عربية ان تقلص فرص التعيين كل سنة يشكك في أهميتنا لدى الوزارة وإلا فمن نحن بنظرها إن كنا نطرق أبوابها لخمس سنوات أو سبع ولا من مجيب؟ وإننا نتطلع إلى من يسومنا سوء القرارات في كل عام نخاف من ما هو قادم وقد توالت المخاوف حتى ما عدنا نتطلع إلا إلى التعيين ولو في حدود الصين .

أما محمد عبدالله والذي تخرج من قسم علوم الحاسب الآلي فيقول: مازالت ابحث عن وظيفة تتلاءم مع تخصصي. لا تتعجب فأنا خريج علوم حاسب آلي وهناك العديد من الوظائف للحاسب والذي هو لغة العصر لكنها لا تتلاءم مع ما أحتاجه. كنت أتوقع أن حصولي على مثل هذه الشهادة سيحقق لي ما أريد ولكنني للأسف لم أجد الوظيفة المناسبة على الآن.

ويشير فائز الحسني الى انه عمل بإحدى الاعمال ليست لها علاقة بدراسته في الجامعة، بل أصبحت شهادة الجامعة هباءً منثورًا ولم يعد لها أي دور يذكر بل اصبحت عديمة الفائدة والدليل على ذلك اننا نتجه الى القطاع الخاص ونعمل بشهادة الثانوية العامة.

ويقول سلطان الزهراني : منذ نحو عام وأنا ابحث عن عمل دون أن أتمكن من إيجاد فرصة عمل توفر لنا مصدر رزق وتجسد طموحاتنا العلمية السابقة على أرض الواقع..

ويطالب صالح علي الجامعات السعودية بربط الاقسام باحتياجات سوق العمل بحيث يستطيع المتخرج من الجامعة أن يعمل بأي عمل كما يسهل عليه الانتظار في العمل الحكومي وعدم الجلوس في المنزل بدون عمل فكثير من الخريجين الجامعيين بدون عمل وتجد منهم من مضى على تخرجه سنوات ولم يجد عملاً والسبب ان شهادته الجامعية لا تؤهله بالعمل كما هو الحال مع أحد الشباب واسمه سلطان غرم الله خريج الاجتماعيات من جامعة أم القرى ولم يحصل على وظيفة إلا بعد ست سنوات من التخرج وأقام والده حفلة كبيرة بهذه المناسبة. أليس من الإنصاف أن يتم تعيين هؤلاء مباشرة بعد التخرج؟ إنهم قنابل موقوتة في المنازل ووجودهم يشكل عبئًا كبيرًا على الأسرة والمجتمع إذا بقوا بدون وظائف وعلى الجميع من مؤسسات حكومية وأهلية أن توجد لهم البيئة المناسبة والمكان المناسب للعمل. فهي مسؤولية الجميع.

وقال نايف العوفي وعابد الجهني تخصص لغة عربية : بعد أن كنا مضربًا مشرفًا عن التفوق والمستقبل المشرق المنتظر أصبحنا نحن خريجي الجامعات مضرب المثل لكل من أراد أن يصبّر أخاه أو صديقه أو أن ينصحه عن الابتعاد عن دراسة بعض التخصصات العاطلة عن التفعيل كتخصصاتنا والتي لا ينظر لها القطاع الحكومي، ولا حتى الشركات فيجب على الوزارة النظر لمثل هذه الأعداد الهائلة من المتخرجين سنويًّا. فيجب عليها إعادة النظر بالنسبة إلى احتياج المدارس للمعلمين من أمثال تخصصاتنا وتخفيض نصاب الحصص عن آبائنا الذين قاموا بتدريسنا من قبل.

حكاية خريجات الخدمة الاجتماعية

«المدينة» التقت بعدد من خريجات كلية الخدمة الاجتماعية بالرياض ليروين معاناتهم المستمرة بالبحث عن الوظيفة. تقول سلمى عبد الرحمن : تخرجت من كلية الخدمة الاجتماعية منذ أربع سنوات من الدراسة في الكلية، وبدأت عمل البحوث والعمل الميداني في المدارس ومؤسسات المعوقين ودور الحضانة الاجتماعية والمستشفيات وغيرها من مؤسسات المجتمع الإنسانية وأثبتنا وجودنا وحصلن على التقييم العالي في فترة تدريبي والنتيجة وبعد أن تخرجت أصبح شبح البطالة يهدد أمني الاجتماعي والاقتصادي .

من جهتها أكدت سارة اليوسف أنها كانت تملك طموحاً كبيراً للتقديم الخدمة لمجتمعها وخصوصاً من بنات جيلها، وقالت كنت أطمح في تقديم خدماتي وعطائي لمجتمعي ومساعدة الناس على حل مشاكلهم وتفهم نفسياتهم ومساعدتهم على تخطي أزمات الحياة التي مررن بها إلا أننا نحتاج كخريجات للعلاج بسبب المعاناة التي عانينها من الظلم، وعدم اعطائهن حقهن في التوظيف واستفادة مؤسسات المجتمع من شهاداتهن وعلمهن وخبرتهن الدراسية في هذا المجال الواسع والهام .

وقالت مريم العبد الكريم خريجة الخدمة الاجتماعية ، أن الكثير من خريجات هذا المجال هن في البيوت والآخر موظفات استقبال وعدد قليل في المدارس الأهلية تمارس عمل في غير مجال تخصصها ، رغم الرغبة العارمة والحماس المنقطع النظير من هؤلاء الخريجات في ممارسة تخصصهن على أرض الواقع وإفادة المجتمع من خبراتهن الدراسية وصقل ذلك من خلال العمل في مواقع عدة، وأكدن خريجات الخدمة الاجتماعية أن المجتمع في أمس الحاجة لمثل هؤلاء لمساعدتهم على تخطي العقبات وحل المشاكل المختلفة التي تواجه الافراد والجماعات لاسيما أن مجتمعنا المحافظ يمر بمشاكل وأزمات اجتماعية جديدة وطالبت هؤلاء الخريجات بتهيئة مواقع عمل في المجتمع تليق بتخصصهن ودعمهن كما طالبن وسائل الإعلام بتسليط الضوء على مجال تخصصهن وأهمية دور الأخصائي الاجتماعي والاستفادة منه في حياة الناس في المجتمعات.

من جانبها ذكرت آمال عبد العزيز خريجة جامعية أن بعض الخريجات الجامعيات الفتيات السعوديات أقدمنا على الاختيار الصعب الزواج العشوائي والبعض منهن على وشك الاختيار ، مشيرات إلى أن هذا أسوأ اختيار يقودهن نحو مصير مجهول، بسبب البطالة التي تهددن حياتهن بالفراغ وعدم التواصل الاجتماعي، وأضافت بأن الفتيات أقبلن على ذلك من باب المغامرة وبمخض إرادتهن مشيرة أن مثل هؤلاء الفتيات هن من الطبقة الوسطى وميسورة الحال والكثير، والبعض لا يقبلنا بوظائف أجورها متدنية لا تتعدى ألفي ريال خصوصًا من تنتمي إلى طبقة مرفهة إلى حد ما ، ويحملنا شهادات جامعية وتخصصات علمية واجتماعية والتي أحوج ما يكون لها المجتمع لاسيما التخصصات المهمة والحيوية فالعقبات أمامهن مشيرة إلى أن العادات والتقاليد غير الصحيحة هي من تسير حياة عدد كبير من الفتيات في المجتمع.


http://www.almadinapress.com/index.a...icleid=1015074