[all1=CC0099][font=Simplified Arabic][size=6][B] ما أجمل نسيم هذا اليوم ، وماا أروح شذاه ... فحين انشق هذا الفجر ، عن ميلاد هذا الشهر ، ازدانت الدنيا وأشرقت أنوارها وهبت رياح الإيمان تنساب بين أرجائها .
روى الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم تغل فيه مردة الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرِم خيرها فقد حرم ))
مرحباً بك يا رمضان .. حبيباً جئت على فاقة ، جئت بعد عام كامل مات فيه قوم وولد آخرون ، واغتنى قوم وافتقر آخرون ، وسعد قوم وشقي آخرون ، واهتدى قوم وضل آخرون ... جئتنا بعد عام كامل وكأَنْ في ردائك كتاباً تقول فيه لكل مسلم - إذا أنت أدركتني هذه السنة فقد لا تتمنى ، وإن أتممتني فقد لا تلقاني بعد عامي هذا ، فالبدار البدار قبل فوات الفرص وذهاب الاعمار - .[/all1]
رمضان أقبل قم بنـا ياصـاح هـذا أوان تبتل وصــــلاح
الكون معطار بطيب قــدومه روح وريحان ونفح أقـــاحي
صفو أتيح فخذ لنفسك قسـطها فالصفو ليس على المدى بمتاح
واغنم ثواب صيامه وقيــامه تسعد بخـيرٍ دائم وفـــلاح
روى الطبراني في الكبير بسند حسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده )) .
وهاهي رياح الايمان قد هبت ، ومواسم الخير قد أقبلت فاغتنمها .
• أيها المسلمون : رمضان فرص وحضوات ، صيام وصلوات ، جهاد ودعوات ، ذكر وصدقات ، رمضان فرص لا تعوض وأوقات لا تهدر فهل من مدكر !!؟ .
• رمضان فرصة للتوبة ، فالله قد فتح أبوابه ، وأجزل ثوابه ( يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) .. يفرح بتوبة عبده وليس أحداً أشد فرحاً من الله بها !! ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم أضل راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح ) رواه مسلم .
وإذا فرح الله بك يوم تتوب فأي خير ستلقاه وأي شر ستوقاه .
أيها العاصي المفرط وكلنا ذلك الرجل ، يا من نسي أبواب المساجد ، وعكف على الملاهي ، واقترفت المناهي ، أما آن لك أن تنتهي ، أما ملّت نفسك هذا الطريق ...
من لم يتب ويرق قلبه في رمضان فمتى يتوب ؟! مَرَدَتُ الشياطين قد صفدت ، والشر قد اجتمع على نفسه فهو لا يطيق انتشارا ، وسحائب الإيمان أطلت وأضلت ، و بيوت المسلمين قد لهجت بالدعاء وصلت .
والحر من حذر الهوان يزايـل الأمر الجسيما
والعاجز .. المأفـون أبعد ما كون إذا أقيما !!
ما أحسن حال من التجأ إلى رب الأرباب
وما أطيب مآل من انتمى إلى كل صالح أواب
ما ألذَّ حديث التائبين ، وما أنفع بكاء المحزونين ، وما أعذب مناجاة القائمين..وما أمر عيش المحجوبين، وأعظم حسرة الغافلين ، وأشنع عيش المطرودين !! .
• رمضان فرصة لتربية الرحمة في النفوس حتى تعيش الجسد الواحد الذي يؤلم بعضه ألم بعض ،
إن من سنن الحياة أن الرحمة تظهر عند الإحساس بالألم وأن الطغيان ينشأ عند الغفلة مع الأمن والغنى (( كلا إن الانسان ليغى أن رآه استغنى )) وهذا بعض السر الاجتماعي في الصوم إذ يبالغ المسلم أشد المبالغة ويدقق كل التدقيق في منع الغذاء وشبه الغذاء عن البطن وحواشيه مدةً آخرها آخر الطاقة !! وهي طريقة عملية لتربية الرحمة في النفس ، ولا طريق غيرها الا النكبات والكوارث التي تحل بالناس ، ( الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع لله وخضوع ، لكل فريضة حكمة ، وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة ، يستثير الشفقة ، ويحض على الصدقة ، ويسن خِلال البر ، حتى إذا جاع من أَلف الشبع ، وعرف المترف أسباب المتع ، عرف الحرمان كيف يقع !! وألم الجوع إذا لذع !! )
.. إسأل نفسك كيف سيكون صيام المشردين وهل سيصومون ؟ أم سيفطرون ؟ وعلى أي شيء سيفطرون ؟!!
وفي الحديث (( لا تنزع الرحمة إلا من شقي )) .
• رمضان فرصة لتربية النفوس ، وتقوية الإرادة فيها ، والارتفاع بها إلى سماء المجد ودرجات العز ..
إن رؤية هلال الصيام في السماء إشارة بالغة لبدأ معركة الإرادة وجولة العزيمة.
فالصوم يدرب المسلم على أن يمتنع باختياره عن شهواته وملذاته ، في إرادة قوية ثابتة ، لا يضيرها كيد الشيطان ، ولا تعدوا علها عوادي الشهوة ، فانظر أي قانون من القوانين يحقق ذلك ؟! ( وأي أمة من الأمم تجد ثلاثين يوماً من كل سنة قد فرضت فرضاً لتربية إرادة شعبها ، ومزاولة فكرة نفسية واحدة ؟! ).
ألا ما أعظم الإسلام ، وما أروع الصيام ، لو قيل لبعض الناس دعوا عنكم الدخان ، لاستصعبوه ، واحسوا العنت بفقده ، فما بالهم اليوم دون أي نداء ، ودون إلحاح قد تركوه .. !! إن هذه الإرادة وهده التربية الرمضانية يجب أن ، لا تذهب أدراج الرياح بل الواجب أن ترسخ في النفوس ، وأن تكون جزاء لا يتجزء من كيانها ، حتى إذا انتهى الشهر وودع ، بقيت آثار هذه الارادة وهذه التربية في النفوس ، فلا يكون ذهابها الا حين تروح الروح ...
(( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )) .
• رمضان فرصة للدعوة إلى الله ، وتذكير الغافلين ، و إرشاد التائهين ..
فلئن كان الناس يجتهدون في إفطار الصائم ، ليتحصلوا على مثل أجر صيامه ،فإن من يهتدي بسببه إنسان له مثل أجر صيامه وصلاته وحجة وزكاته وكل عمل صالح يعمله ... (( ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً )) . فرمضان فرصة ذهبية للدعوة ، فالنفوس فيه قد مالت إلى الخير ، وخفّ ضغط الشيطان عليها ، والواقع يشهد بذلك .
فاعرض بضاعتك أيها الداعية ولا يكن أهل الدنيا أكثر منك جداُ واعظم سعياً ...
• إن مما يشحذ الهمم ويقوي العزائم ويبعث إلى الجدِّ في العمل ، النظر في حال السابقين وخبر الصالحين ثم الاقتداء بهم والسير على طريقتهم ، واستقبال رمضان بالجد والنشاط .
ذكر الاصفهاني قال : قال عبدالعزيز بن مروان كان المسلمون يقولون عند حضور شهر رمضان (( اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر ، فسلمه لنا وسلمنا لـه ، وارزقنا صيامه وقيامه ، وارزقنا منه الجد والاجتهاد ، والقوة والنشاط ، وأعذنا فيه من الفتن )) .
باع قوم من السلف جارية فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالاطعمة وغيرها ، فسألتهم عن ذلك فقالوا : نتهيأ لصيام رمضان ، فقالت : وأنتم لا تصومون الا رمضان !! لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان ردوني عليهم !! .
لقد كان رمضان الذي يجيء الى السلف رمضاناً حقيقياً !! وما أدري أمات وجاء غيره ، أم شاخ وعجز أن يطوف في جميع البلاد فاكتفى ببعضها وببعض البيوتات دون بعض ؟!! .
إن من الناس من يدخل عليه رمضان ويخرج دون أن يشعر به أو يحس لـه بأثر ؟! فتضيع عليه أوقاته فيما لا ينفع وقد قال السلف (( من علامة المقت إضاعة الوقت )) .
بل إن منهم من يزداد غيّه ويعظم شره في هذا الشهر ، فلا يحرم نفسه الأجر فقط بل يطلب فيه مزيد من الوزر !!
يا سـاهياً لاهياً عما يراد بـه آن الرحيل وما قدمت من زاد !! ترجوا البقاء صحيحاً سالماً أبداً هيهات إن غداً فيمن غدا غادٍ
(( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ))