حياة كلها تعب
للدكتور عائض القرني
بينما أنا أقرأ كتاب لا تحزن للدكتور عائض القرني أعجبني هذا الموضوع فتذكرت أحبتي في الله
وتمنيت أن يشاركوني ما قرأت
لا تحزن من كدر هذه الحياة لأنها هكذا خلقت
إن الأصل في هذه الحياة المتاعب والضنى , والسرور فيها أمر طارئ , والفرح فيها شيء نادر .
تحلو لهذه الدار والله لم يرضها لأوليائه مستقرا ؟!
ولولا أن الدنيا دار ابتلاء ,لم تكن فيها الأمراض والأكدار , ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار, فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا .
ونوح كذبه قومه واستهزؤوا به , وابراهيم يكابد النار وذبح الولد, ويعقوب بكى حتى ذهب بصره , وموسى يقاسي ظلم فرعون, ويلقى من قومه المحن , وعيسى ابن مريم عاش معدما فقيرا , ومحمد صلى الله عليه وسلم يصابر الفقر وقتل عمه حمزة , وهو من أحب أقاربه إليه , ونفور قومه منه .
وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء مما يطول ذكره . ولو خلقت الدنيا للذة , لم يكن للمؤمن حظ منها .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ))
وفي الدنيا سجن الصالحون , وابتلي العلماء العاملون ونغص على كبار الأولياء , وكدرت مشارب الصادقين .
المغزل من هذا أحبتي
أننا ليس أول الأشخاص الذين تضيق الحياة عليهم ولا أخرهم
وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه
فتعالو لنشكر الله على نعمة البلاء
من نفس الكتاب
الراحةُ في الجنَّةِ
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ .
يقولُ أحمدُ بنُ حنبلَ ، وقد قيل له : متى الراحةُ ؟ قال : إذا وضعت قدمك في الجنةِ ارتحت .
لا راحة قبل الجنةِ ، هنا في الدنيا إزعاجاتُ وزعازعُ وفتنٌ وحوادثُ ومصائبُ ونكباتُ ، مَرَضٌ وهمٌّ وغمُّ وحزنٌ ويأسٌ .
طُبِعَتْ على كدرٍ وأنت تريدُها
صفواً من الأقذاءِ والأكدارِ
أخبرني زميلُ دراسةٍ من نيجيريا ، وكان رجلاً صاحب أمانةٍ ، أخبرني أن أمَّه كانت تُوقظُه في الثلثِ الأخير ، قال : يا أمَّاهُ ، أريد الراحة قليلاً . قالت : ما أوقظك إلا لراحتِك ، يا بني إذا دخلت الجنة فارتحْ .
كان مسروقٌ – أحدُ علماءِ السلفِ – ينامُ ساجداً ، فقال له أصحابهُ : لو أرحت نفسك . قال : راحتها أريدُ .
إن الذين يتعجَّلون الراحة بتركِ الواجبِ ، إنما يتعجَّلون العذاب حقيقةً .
إنَّ الراحةً في أداءِ العمل الصالحِ ، والنفعِ المتعدِّي، واستثمارِ الوقتِ فيما يقرِّبُ من اللهِ .
إنَّ الكافر يريدُ حظَّه هنا ، وراحتَهُ هنا ، ولذلك يقولون : ﴿ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ .
قال بعضُ المفسِّرين : أي : نصيبنا من الخَيْرِ وحظَّنا من الرزقِ قبل يومِ القيامةِ .
﴿ إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴾ ، ولا يفكِّرون في الغدِ ولا في المستقبلِ ، ولذلك خسرُوا اليوم والغد ، والعمل والنتيجة ، والبداية والنهاية .
وهكذا خُلقتِ الحياةِ ، خاتمتُها الفناءُ فهي شربٌ مكدَّرٌ ، وهي مزاجٌ ملوَّن لا تستقرُّ على شيء ، نعمةٌ ونقمةٌ ، شدَّةٌ ورخاءٌ ، غنىً وفقرٌ .
هذه هي النهاية :
﴿ ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ .