قرأت عن طالب “عائن” اثار صخباً في مدرسته بعد ان اكتشف أمره، فقد تأخر يوماً ما عن الحصة الاولى فدخل في اثنائها ووجد المدرس قد ملأ السبورة بالكتابة فقال:وش هذي تقول ماكينة!! فتصلبت يد المدرس ولم يستطع مدها ولا ردها! وتساءلت ماذا لو وجد كل منا “عائناً” في مجتمعه او بيئته هل يتوارى عنه ام يجامله قدر الامكان؟
ان الاصابة بالعين حق، والناس في “العين” ما بين مكذب بها ناف لحقيقتها وقالوا هي اوهام وخيالات لا حقيقة لها على الوجود، ولا ينكرها الا جاهل وقد ثبت وجودها بالادلة الشرعية والواقع يصدق ذلك ويبرهن عليه.
وما بين مفرط فيها ومرهب الناس من خطر اسمه العائنين، واخشى ان يصل الافراط مداه لما يظل الانسان اسيراً لاوهامه فكل ما دهمه الم، وكل ما اوجعه ضرس اعتقد انه طب في يد عائن وهذا الصنف مخطئ لأن من قال هلك الناس فهو اهلكهم.
كما ان الناس مما يؤخذ عليهم “نفخ” العائن بالمدح واستعراض بطولاته على الناس ربما مجاملة لكنها تحمل العائن على التعاظم والتفاخر بدلاً من التصاغر لأنه مخطئ في ان يؤذي عباد الله فالمسلم من سلم الناس من شره.
وخير الامور الوسط فحقيقة العين موجودة واثارها واضحة، والاسلام علمنا ان يعتقد الانسان انه لن يصيبه الا ما كتب الله له، وانه مأمور بفعل الاسباب مع التوكل على الله على شاكلة “اعقلها وتوكل”.
ولعل اقوى ادلتها قول الله تعالى في قصة نبيه يعقوب “عليه السلام” حيث قال لاولاده الأحد عشر “قال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من ابواب متفرقة”، وجاء في الآية التي بعدها تفسيراً لهذا المطلب “الا حاجة في نفس يعقوب قضاها”، والمفسرون على انها خوفه من العين على اولاده.
حيث قال القرطبي: “لما عزموا على الخروج خشي عليهم العين فأمرهم الا يدخلوا من باب واحد”.
إذن العين حق ولو كل شيء سابق القدر لسبقته العين، فكم من صحيح أمرضته، وهي تصيب الذكي والناجح فتجعله كالمعتوه، وقد ازهقت انفس وممتلكات.
في مجتمعاتنا الخليجية لست ادري سبباً عن كثرة الاصابة بالعين خصوصا بين النساء.. والعائنون انواع فمنهم من يتحدى على الاصابة بها، بل منهم من يملك التخيير وقد سمعت عن رجل عان رجلاً وخيره فقال:”تبغاها” فيك والا في الكفر “اطار السيارة” فقال في الكفر:فانقسم الاطار الى قسمين!! وهناك اناس معروفون بالعين فاذا اطلقوا سهم عيونهم فانها لا تخطئ، وقد تكون العين وراثة وان عائلة باكملها قد تكون مسلحة بهذا السلاح. وللعائنين تشبيهاتهم البديعة والمسجوعة يقول د. عبدالعزيز الخويطر في مقالة له بمجلة الفيصل ما معناه:
يشترط في هذا العين ان تكون الجمل مسجوعة وفيها التشبيه.. تقول احدى القصص:خرجت دجاجة الى فناء الدار مع صيصانها، وما هي الا لحظات حتى هوت عليها “حداة” وبدلاً من أن تأخذ أحد الصيصان اخذت الدجاجة الأم ورأى هذا المشهد أحد العائنين فقال:هب عليها اخذت الدلة وتركت الفناجين” فاصطدمت الحداة بالجدار ونجت الدجاجة من شرها وعادت الى افراخها سالمة.
اخيراً.. تحصنوا بالاذكار الشرعية فهي صمام امان ولن تقوى رصاصات العائنين على اختراق حصونها.
حمانا الله واياكم شر كل عين حاسده امين
منقول عن جريد عكاظ اليوم الخميس 11/10/1427