خبراء يطالبون مبارك بالتدخل ... مصر: دهشة شعبية من قرارات حكومية ترفع خط الفقر إلى 27 دولاراً شهرياً للفرد
القاهرة - جابر القرموطي الحياة - 16/06/08//
سوق خان الخليلي الشعبية في القاهرة
يشعر مصريون كثر بدهشة من قرار الحكومة رفع خط الفقر في البلاد إلى 167 جنيها مصريا (نحو 27 دولاراً) للفرد في الشهر، وأكد موظفون ان الفرد لا يستطيع ان يلبي الحد الأدنى من متطلبات الحياة بأقل من ألف جنيه (180 دولاراً) في الشهر.
وتساءل المدير العام لأحد فنادق «شيراتون» مصطفى والي عن المبررات والمعطيات التي على أساسها اعتبرت الحكومة ان الفقير يمكن ان يعيش بـ 167 جنيهاً شهرياً، مشيراً إلى أنه يعمل في أكثر من وظيفة ليؤمّن حياة معقولة لأسرته، وأشار إلى «ان دخل المواطن لا ينبغي ان يُقاس وفقاً لمعطيات حكومية بعيدة عن الواقع»، معتبراً ان ما يطرحه بعض الوزراء في هذا الشأن بعيد كلياً عن الواقع.
وقالت المديرة في «بنك مصر» سامية الوتيدي ان الوضع في البلاد غاية في السوء ولا تستطيع أي أسرة العيش بصورة شبه معقولة من دون ان يكون الدخل في حدود ألفي جنيه (360 دولاراً). واعتبر خبراء كثر ان ما قاله وزير التنمية الاقتصادية عثمان محمد عثمان مساء أول من أمس في شأن معدل الفقر في البلاد هو ضرب من الخيال.
واعتبر أحد أبرز خبراء معهد التخطيط القومي إبراهيم العيسوي ان المؤشرات التي أعلنها الوزير «شأن خاص به»، وقال: «حذرنا كثيراً من نتائج هذه التصريحات، وأكدنا في أكثر من مناسبة اقتصادية ان الواقع ليس هو بالطريقة التي تتعامل من خلالها الحكومة مع الوضع الاقتصادي الصعب».
وعلمت «الحياة» ان 12 خبيراً وأكاديمياً اقتصادياً يعدون مذكرة إلى رئاسة الجمهورية للتحذير من مغبة تصريحات وزراء في الحكومة وصفوها بـ «السخرية من الشعب»، ورأوا «ان غالبية الوزراء لا يرون أخطاء في سياستهم الاقتصادية وإنما الأخطاء في فهم المواطن لها». ولفتوا «إلى عدم إدراك المواطن للوضع الاقتصادي العالمي الذي أثر كثيراً في الوضع الاقتصادي الداخلي خصوصاً في أزمة الخبز وارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 50 في المئة في المتوسط خلال الشهرين الماضيين».
وقال أحد الخبراء ان المذكرة ستطالب الرئيس حسني مبارك بـ «التدخل في هذا الأمر خوفاً من تصاعد حدة الأزمة بين المواطن والحكومة واتساع الفجوة القائمة بينهما»، ونبهوا من ان بقاء الوضع كما هو عليه «ينذر بنتائج خطرة».
وأكد عثمان السبت انخفاض معدل الفقر بنسبة ثلاثة في المئة نتيجة النمو الاقتصادي الذي تجاوز سبعة في المئة، وأشار خلال مؤتمر صحافي عقده لإعلان المؤشرات المالية والاقتصادية خلال السنة المالية 2008 - 2009، إلى تعديل خط الفقر من 120 جنيهاً شهرياً، طبقاً لمسح لمعدلات الدخل والإنفاق عام 2005، إلى 167 جنيهاً اليوم، طبقاً لمسح جرى خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2008.
وقال عثمان ان متوسط نسبة الفقر خلال الثلاثة أشهر الأولى من 2008 تبلغ 16 في المئة، مشيراً إلى «ان 68.1 في المئة من السكان كانوا وظلوا فقراء طبقاً لنتائج البحثين عام 2005 و2008، بينما استمر نحو 10.5 في المئة من الفقراء تحت خط الفقر». وكانت نسبة المستفيدين من النمو في شكل مباشر 11.9 في المئة، وهم الفقراء الذين صعدوا فوق خط الفقر وتحسنت أحوالهم. ولفت إلى ان العينة من الأسر التي شملها مسح عام 2005 هي نفسها التي شملها مسح 2008 ويبلغ عددها 48 ألف أسرة.
وأشاـر عثمان إلى عدم حدوث تغيرات جوهــرية على خريطة الفقر لأفقر ألف قرية مصرية بعد إعلان النتائج النهائية للتعداد السكاني لعام 2006، لافتاً إلى ان هذه القرى تضم 40 في المئة من الفقراء في مصر، وبالتالي سيتم التعامل معها من خلال برامج نوعية تلبي احتياجات كل قرية بما يمكّن من تخفيض نسبة الفقر خلال سنتين.
واستعرض عثمان خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنة المالية 2008 - 2009 والتي اعتمدها مجلس الشعب، مؤكداً «ان السنة المالية الجديدة لن تكون كغيرها، خصوصاً مع التغيرات الاقتصادية العالمية والأميركية تحديداً بانعكاساتها على الاقتصاد المصري». وتوقع ان يزيد معدل النمو خلال السنة المالية المقبلة عن سبعة في المئة.
وأشار عثمان إلى ان القطاعات المتنوعة في الاقتصاد المصري تجعله قادراً على النمو في شكل جيد على رغم الأوضاع العالمية، وأرجع العجز في الميزان التجاري والبالغ 16.8 بليون دولار خلال الأشهر التسعة الأخيرة إلى العجز في الميزان التجاري للمواد النفطية الذي وصل إلى 6.8 بليون دولار بما يمثل 62 في المئة من الزيادة في عجز الميزان التجاري، «وهذا لا علاقة له بقوة الاقتصاد الكلي»، على حد قوله.
وأضاف ان الاستثمارات الأجنبية زادت إلى 11.3 بليون دولار خلال الأشهر التسعة الماضية، «وهو ما يزيد على ما حققته الاستثمارات الأجنبية خلال السنة المالية 2006 - 2007 إذ بلغت 11.1 بليون.
وقال عثمان ان الاستثمارات الحكومية ستزيد بواقع 1.7 بليون جنيه، كما طلب البرلمان، إضافة لاعتماد 1.3 بليون جنيه للأجور والرواتب، فيما سيتم توفير بليون جنيه من خلال المنح وبليوني جنيه من الاقتراض الخارجي