نامي جياع الشعب نامي........ حرستك آلهة الطعام
هو مطلع لقصيدة عنوانها (تنويمة الجياع) ،أبدعها في خمسينات القرن الماضي شاعر العرب (محمد مهدي الجواهري).. وتحمل القصيدة بين طياتها نسيجاً ممتعاً من السخرية والألم وصوراً حية رغم امتداد الزمن.. والمتأمل في أبياتها يرى ان كثير منها تشير ـ رغم عمومها ـ إلى جانب من الواقع العراقي المرير،ومن أجمل ما يقول شاعرنا مخاطباً (جياع الشعب):
نامي على زبد الوعود ....... يداف في عسل الكلام
فما أكثر ما سمعنا ونسمع من وعود،فوعود من المحتلين (الفاتحين) وأخرى من الساسة وأعضاء الحكومة (المنتخبين)..وعود لا أول لها ولا آخر ناعمة كنعومة الزبد ومصاغة بمعسول منمق من الشعارات والكلمات واليك بعضها....
فمنهم من يعد بالخير والاستقرار والأمان..ويضع الخطط تلو الخطط بمختلف المسميات ليفرض القانون وليس من قانون ولكن...وكما يقول نزار قباني:
(( ما من جديد في حياة هذي المدينة المستعمرة... فحزننا مكرر وموتنا مكرر ونكهة القهوة في شفاهنا مكررة))
وهناك من يعد بتحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.. ويستميت في مناقشة سلم الرواتب وبعد اللتيا والتي تراهم ( يتصدقون) على أكثر طبقات الشعب بدراهم معدودة كما لو كانت الأموال من خزائنهم الخاصة !! ثم لا يلبث حتى يسترجع باليد اليسرى ما (انفق) باليمنى (( كحبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة..)) ويحول السوق الى ثعبان يلتهم كل ما نملك بلا رحمة بعد ان يرفع اسعار المحروقات الغير موفرة أصلاً في بلد يتصدر قائمة البلدان المنتجة المصدرة لها..فما اهولها من طامة ان لا تملك ما تملك!! ومن أخزى وعودهم كذباً وزوراً.. توفير الكهرباء فكل يوم وعلى مدار الساعة تسمع اشكالاً من التصريحات : سنقدم كذا.. ونفعل كذا.. ونوفر كذا من الكهرباء وسنعمل على تقليل القطع المبرمج و...و....الخ ولكن (الجواهري) وبظريف من القول لطيف يطمئن جياع الشعب ويهدئ من روعهم فيخاطبهم:
نامي تزرك عرائس ال .....أحلام في جنح الظلام
نامي على نغم البعوض....... كـــأنه سجع الحمام
وهكذا تتوالى الوعود الأباطيل ... فسلام عليك يا عرقوب ففي بلدي مائة ألف عرقوب او يزيدون