بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد..
فن الانتباه..هو الفن الحقيقي الذي تمارسه الذاكرة..
من فضلك اقرا السطور التالية باهتمام وانتباه..
( انت تقوم الآن بقيادة احدى سيارات الاتوبيس.. وتحمل معك 50راكبا ..وفي الطريق توقفت بالسيارة مرة
ونزل10 من الركاب.. بينما ركب 3افراد ..وفي المحطة التالية نزل 7افراد.. وصعد اثنان ثم توقفت السيارة
مرتين ..في المرة الاولى نزل 4 من الركاب وصعد 3 افراد من المحطة التالية ..وبسبب عطل فن في السيارة
توقفت.. وكان بعض الركاب في عجلة من امرهم نزل 8 منهم.. وبعد ما تم اصلاح العطل ووصلت السارة الى المحطة الاخيرة
نزل باقي الركاب ...) انتهت السطور..
والآن وبدون محاولة اعادة قراءتها مرة ثانية حاول ان تجيب عن هذين السؤالين:
السؤال الاول ..هو ما تتوقع ان اوجهه اليك .........؟ولكن ليس هذا هو السؤال المقصود..
فانت تتوقع ان اسألك: كم عدد الركاب الذين نزلوا في المحطة الاخيرة؟
وانا على يقين من انك سوف تجيب حالا..ومع ذلك فالسؤال المقصود هو:
كم عدد المحطات التي توقفت فيها السيارة؟
ربما لا تستطيع الاجابة عن هذا السؤال ..والسبب انك قد شعرت بل وتاكدت ان السؤال
الذي ساطرحه بعد قراءة القطعة سوف يدور حول عدد الافراد الذين صعدوا ونزلوا من السيارة
ولم تهتم لعدد مرات التوقف ..اليس كذلك ؟..لذلك لم تسجلها في عقلك على الاطلاق
وبالتالي لم تتذكرها..ولكن لو انك شعرت ان عدد مرات التوقف معلومة مهمة وقد تكون موضع سؤال
لاختلف الاداء هنا..
حسنا لا تفرح كثيرا..لاني اشك انه في قدرتك الاجابة على السؤال الثاني..وهو :ما اسم سائق الاتوبيس ؟
هذا السؤال يعتمد على الملاحظة اكثر من اعتماده على الذاكرة..ويقع في دائرة الحيلة والخداع..
فهل كان سيخطر على بالك ان اسالك عن اسم السائق بالطبع ... لا ..
ولكن ممكن ان يكون هذا السؤال قد استهواك فاردت ان تعرفه وتتذكره..
وانا اعلم انه ليس من المفروض ان كل الناس على هذه الدرجة من قوة الملاحظة التي تجعلهم يسارعون بالاجابة الصحيحة..
ربما يعرف البعض منا ان الحيلة تعتمد على حركة خادعة تظهر على السطح ..
بينما الحركة الاكثر اهمية هي التي تكون كامنة في الخلفية ..وهي التي تستحق التذكر والملاحظة..
وهذا يفسر: لماذا يصبح معظم الناس في غفلة تامة ؟
وهذا ما يقوم به الساحر ..فهو ياتي بحركات ثانوية كبيرة ..بينما يحتفظ بالحركة الاساسية حتى يظهرها في اللحظة
المناسبة التي يكون الناس فيها في غفلة تامة عنها بما يدور امامهم..
وقد يظن بعض المشاهدين ..ان الساحر نفسه قد اصابته الدهشة من المفاجأة ويكاد لا يصدقها بينما هي
من صنع يديه..وباستثناء صندوق الخدع الذي يعمل بطريقة آلية ..فان الساحر يستغرق وقتا وجهدا صعبا
لكي يقوم بعملية تنويم للمتفرجين..اذا لم يكن يمتلك مقومات فن التوجيه الخادع لانظارهم..
وانا من جانبي ايضا قد خدعتك واسأت توجيه نظرك عن عمد ..حينما جعلتك تظن انني سوف اسالك
سؤالا واحدا.. او ان يكون السؤال عن شيء لم تلحظه من البداية..
طبعا اكيد انت الآن متشوق لان تعرف الاجابة الصحيحة على السؤال الثاني ..
حسنا :ان الكلمة الاولى في القطعة تخبرك من هو السائق..فهذه الكلمة عبارة
عن :انت..والاجابة الصحيحة هي (اسمك..)
فانت الذي كنت تقود السيارة..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ان الملاحظة الدقيقة ..هي الاساس الذي يقوم عليه اختبار الذاكرة ..
ولكن الملاحظة والذاكرة.. يسيران جنبا الى جنب اي لا ينفصلان..
فانت لا تتذكر شيئا لم تلحظه..ومن الصعوبة ان تلاحظ وتتذكر اي شيء لا تريد ان تتذكره او لا يستهويك تذكره..
وهذا يقودنا الى حكم واضح وقاطع :فاذا اردت ان تقوم بتنمية ذاكرتك وتطويرها وان تجعل ذاكرتك افضل..
فلا تجبر نفسك على التذكر ..فقط وجه اهتمامك الى اي شيء تريد ان تتذكره ووجه ملاحظتك له بدقة وعن عمد..
فان المجهود البسيط من الممكن ان ياتي بنتائج مدهشة في وقت قصير للغاية..
ولكن اذا لم تكن مهتما وحريصا بالتقدم خطوات ايجابية في طريق استيعابك فلن تحقق شيئا..
وبدون التنبيه والحافز يصبح من الصعوبة ان تتذكر..
والثقة بالنفس هنا يمكن ان تكون عاملا مساعدا فعالا على التذكر..كيف؟
هل تستطيع ان تتخيل ذاكرتك مثل المنخل او الغربال..
حاول ان تتخيلها هكذا باستمرار ..
فاذا كنت تردد ان ذاكرتك ضعيفة وسيئة ..او كنت تعتقد انك لن تتذكر شيئا ما..
فانت في هذه الحالة تقوم بفتح ثقب جديد في هذا الغربال واضفت فيه فتحة اخرى..
اما اذا كنت على ثقة من انك تمتلك ذاكرة قوية ورائعة..وتعتقد انك تتذكر الاشياء بسهولة..
فانت بذلك تكون قد اغلقت واحدة من هذه الفتحات..
مع اطيب تمنياتي للجميع بقوة ذاكرة وانتباه رائعين.
سيدأيمن