بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم للجميع مدى حاجة الإنسان إلى التخطيط وبناء الاستراتيجيات ، فالتخطيط له علاقة بالكثير من التصرفات التي يحتاجها الفرد أيا كان موقعه وترتيبه في المجتمع والأمثلة على ذلك كثيرة ، وسوف نختار نموذج لعرضه للتمعن والتدبر ثم الحكم عليه 0
على سبيل المثال: لنأخذ تصور قيام احد القادة بالتخطيط لمعركة ما في موقع ما 0
أولا: لنتعرف على صفات هذا القائد وما يجب عليه إن يكون حتى نتأكد من انه قد استحق إن يتبوأ هذه ألمكانه 0
نقول انه يحمل شهادة عالية وقضى وقتا جيدا في احد الكليات المشهود لها ثم تخرج وأوكلت له بعض المهام في قيادة إحدى المواقع ثم تنقل من موقع إلى أخر ، صادف الكثير من التجارب وتعرف على كثير من الأمور من خلال حضوره دورات صقل مهارات ، ثم قابل العديد من القادة المخضرمين من محيطه وخارجه ، حصل على الكثير من الشهادات التي عززت ثقة رؤسائه به مما استدعي إلى تكليفه لقيادة إدارة معركة في مكان ما 0
فماذا عسى إن يفعل ؟
ما إن وطأت قدماء مركز القيادة بدء بدراسة ملفات كبار القادة ومساعديه دراسة متأنية وقام بعملية فرز لبعض الملفات بعد وضع تصوراته لكل ملف ثم استدعى كبار القادة المتواجدين لاجتماع تعارفي ، في أثناء الاجتماع بدء بدراسة الشخصيات التي أمامه عن كثب ويقارن ردود أفعالها وتصرفاتها من خلال النقاشات والحوارات التي دارت داخل الاجتماع مع ما هو موجود داخل الملفات لكل شخصية بعينها 0
وقد تجاوز بذلك الأسلوب التقليدي في وضع الأحكام على الأشخاص من خلال ما هو موجود في ملفاتهم من أوراق وشهادات قد لا تعبر بالضرورة عن حقيقة الشخص كما تعبرالافعال والتصرفات والحوارات من خلال المناقشات المباشرة بعينها 0
ولم يعتمد على أسلوب اخذ المعلومات من أشخاص آخرين قد تكون لهم مأرب من وراء مدح شخص أو ذم شخص أخر على أساس المحسوبية والمصالح طويلة الاجل0
بعد ترتيبه لهذه الملفات ووضع الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة لهم ، وللتأكد من إخلاصهم وكفاءتهم قام بعمل بعض التجارب على هؤلاء الأشخاص بمنحهم بعض الصلاحيات لمساعدتهم في تسير وضبط أوضاع إداراتهم والعاملين فيها وتكليفهم بتنفيذ بعض الأعمال المكتبية والميدانية للتأكد من حسن اختياره وصواب قراراته ، وكان ذلك بمتابعة شخصية منه للحيلولة دون وقوع أية أخطاء تكون خارجة عن حساباته فكان الصبر والحلم والأناة النبراس الذي يضيء له الطريق عندما يشتد الخطب عليه مستشهداً بموضع المثل المشهور: من لي بمثل سيرك المدلل *** تمشي رويداً وتجيء الأول 0 وبعد إن اطمأن إلى كفاءة القادة من حوله 0
بدء بالشروع بالتخطيط لوضع الإستراتيجية للمهمة المكلف بها وهي إعداد خطة لمشروع معركة 0 فكيف ومن أين يبدأ ؟0
هو يعلم بأن المعركة تشترك فيها عدة عوامل يضعها القائد في اعتباراته وتصوراته ويسلسلها حسب أولوياته في التخطيط للسيطرة على تلك العوامل قبل الدخول في المعركة ، واهم هذه العوامل معرفة العدو المفترض لهذه المعركة وهــــو في معركتنا هذه تم تعريفه بالفشـــــل وللتغلب على هذا العدو المسمى بالفشل يأتي الوقت للبدء بوضع الدراسات والقيام بالأبحاث بالطرق العلمية العينية والميدانية ، ولهذا فلا بد من تجهيز الفرق وتوزيعها حسب المهمات التي سوف توكل إليها في جمع المعلومات والبيانات وهذه الفرق يرأسها القادة الموثوق بهم من قبل القائد الأعلى لهم فيتم الاتفاق فيما بينهم بالتشاور على البحث عن المكان المفترض إن تقوم به المعركة ، وان عرف المكان فلا بد من الإجابة على بعض الأسئلة وأولها : - إذا ما كان قد تم استخدام هذا المكان للمعركة من قبل ؟ وما هي النتائج المستفادة من التجربة السابقة إذا كانت المعلومات متوفرة في حينه ، فكلما كانت المعلومة دقيقة فهي معلومة مثمرة وهذا سوف يسهل من مهمة التعامل مع العدو الفشل ومعرفة سبب وجوده والمكان الذي نبت منه0
أما إذا كان هذا المكان جديد فتكون المسؤولية اكبر واخطر ، فعلى الفريق بكافة إداراته إن يعتمد على الدراسات الجديدة من الواقع الجديد ، فهذا مكان معركة غير معروف مسبقا وليست هناك بيانات متوفر أو حاضرة عن العدو الجديد الفشل في هذا المكان0
إذا لدينا واقع جديد لا تنطبق عليه أية ملامح عن المكان القديم فلا بد من التعامل مع هذا الواقع الجديد بكل ما يحتويه من متغيرات طرأت عليه والعمل على التحول باتجاهه والتكيف معه في البداية لتطويعه إن أمكن ذلك في سبيل التعرف على هذا الواقع الجديد والتحالف معه في سبيل القضاء على العدو الفشل 0
لأنه لا يمكن لقائد عاقل إن يقول انه يعرف سبب وجود الفشل وأين يتمركز ويتركه دون أن يبذل أدنى جهد في البحث عن حلول للقضاء على هذا الفشل ، لان ذلك يعني الهروب من ارض المعركة والاختباء خلف الخطابات والشعارات والتملص من المسؤوليات والواجبات بحجج ثقيلة قد ترتد عليه وتطيح به 0
وأما انتظار حدوث أفعال من الأخريين وردود الأفعال عليها فهذه من الاستراتيجيات التي تعجل بالسقوط ، فجميع أماكن المعارك الحديثة لا تنتظر من ينتظر كثيرا فالرابح فيها من يحسن امتلاك زمام المبادرات بكل ما فيها من مخاطر ، فالتعامل مع الفشل مباشرة أفضل بكثير من النظر إليه أو انتظار حدوثه 0
ليس عيب اعادة النظر وليس عيب اعادة التخطيط ولكن العيب هو استمرار العمل في ضل الفشل0
أيها الواقع الجديد، أهلا بك *** فهناك قـــائد هو أهلا لك0
إننا نعلم أيها القائد بأنك محبط ، ونعلم بأنك قد خذلت ونعلم من خذلك ، ونعلم من عض اليد التي من المفترض أن يقبلها 0
فهل تعلم أنت ؟؟؟0