بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن السعادة من الأمور التي تصنع، لا من الأمور التي تحصل دون تهيئة مقدماتها. فالسعادة من الأمور التي ينشدها كل من الزوج والزوجة في حياتهما الزوجية، إذ أنها كفيلة بتحويل حياتهما إلى جنة، لا يهنأ أحدهما إلا من خلال وجوده فيها.
فالسعادة ليست نجمة سحرية قد تسقط في حضن الانسان فيصبح سعيداً محفوظاً، وقد لا تسقط فيصبح شقياً منكوباً، ذلك لأن السعادة لا تعيش خارج إرادة الانسان، وإنما هي ملك يده، وفي اختياره)).
فلا يمكن للزوج مثلاً أن يرجو السعادة من زوجة لم يشعرها يوماً بإنسانيتها، ولم يتعامل معها على أساس أنها انسانة، ثم أن هذه الزوجة التي لم تقدم لزوجها أسباب السعادة لا يمكن أن نتهمها في كونها هي المسؤولة عن عدم تقديم السعادة لزوجها، وإنما السبب في ذلك هو الزوج، فهو الذي هيأ أسباب فقدان السعادة.
وبالمقابل يكون هو الذي جلب السعادة وصنعها فيما لو أحسن معاملة زوجته فكانت زوجته مثالاً للزوجة التي تقدم السعادة على كف الراحة والرضا لزوجها. وهكذا الأمر من جهة الزوجة.
فالسعادة ((هي ببساطة، أن يصوغ الانسان السعادة، وأن ينسجم مع واقعه، فأنت سعيد بزواجك إذا أردت لنفسك أن تسعد، وزرعت السعادة في أعماقك بحسن الاختيار، وبقبول الواقع، والعمل على استخلاص خير ما فيه.
إن الرجل الذي يملك زوجة ذات جمال رائع، وأخلاق مناقبية طيبة، وذكاء خارق، ليس من المحتم أن يكون سعيداً فليس الجمال الخارق لوحده هو الذي يجلب السعادة فيما لو خلا من الصفات الأخلاقية.
فعلى الرجل أن يأخذ بعين الاعتبار بأنه لو أطلق العنان لنفسه لتختار ما تريده من المواصفات التي يعتقد بأنها سوف تجلب له السعادة فإنه سوف لن يصل إلى تلك السعادة التي ترجوها النفس أبداً.
فمَن نال قدراً معيناً من الجمال قد ينتظر جمالاً بدرجة أكبر من تلك التي حصل عليها، ومَن حصل على زوجة بدرجة معينة من الخلق فإنه ولا شك سينتظر ((أخلاقاً ألذ، وذكاءً أكثر نفوذاً في الأشياء. بينما لو كان متفهماً لواقع زوجته راضياً بما تملك من آيات الجمال، والفهم، والذكاء، لكان من أسعد الناس. إن الذين يظنون أن السعادة هي في أن يملك الانسان ما ليس يملك يخطئون حتماً، لأن الذين يملكون كل شيء ولا يملكون السعادة في داخلهم ليسوا بالحتم سعداء.
إذن فالسعادة تطلب من خلال مقدماتها التي يجب القيام بها، وليست السعادة مما يعطى دون القيام بتلك المقدمات. والاسلام من خلال السيرة التي وصلتنا من الرسول الكريم، وأهل بيته الطاهرين يكشف لنا الطرق التي يمكن من خلالها التوصل إلى السعادة في الحياة الزوجية:
1 ـ وجوب احترام الزوجة: فعلى الزوج أن يدرك بأنه لم يكن باتخاذه زوجة قد اتخذ خادمة مطيعة له، وأنه ليس عليها ـ حسب الشريعة الاسلامية ـ تجاهه سوى تلك الوظيفة التي تتعلق بالفراش، أما قيامها بغير ذلك من الوظئاف المنزلية فإنه إحسان منها وتفضل , (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
وقد ورد عن رسول الله (ص) في ذلك قوله:
((مَن اتخذ زوجة فليكرمها))
2 ـ لا تحاول أن تجعل من علاقتك مع زوجتك علاقة روتينية جامدة تقوم على أساس جاف في ممارسة كل منكما لوظيفته بل ا لتمس لحياتك مع زوجتك علاوة على عنوان الزوجية عنواناً آخر كالصداقة مثلاً ليضيف على تلك السمة الروتينية مرونة أكثر تجعل الحياة ألذ وأهنأ.
3 ـ إذا كنت تجد ضرورة وضع نفسك موضع المراقب على الزوجة فليس عليك أن تجعل من نفسك شرطياً عليها يراقب جميع تصرفاتها فإن ذلك سيؤدي إلى خلق الفجوة بينكما، بل كن معها كالمربي المداري العالم بخصوصيات من يربيه، فيتسامح معه عند الهفوة ويشجعه عند الإحسان.
4 ـ إن إدارة شؤون المنزل هي من صميم اختصاص المرأة، وليس الرجل ـ مهما كانت لديه خبرة ـ بقادر على مضاهاة المرأة في ذلك، ولذا فليس من العيب ترك إدارة شؤون المنزل إلى الزوجة، وليس نقصاً الانصياع لإرادتها في تلك الشؤون فيما لو تعارضت مع إرادة الزوج ورأيه، تماماً كما أنه ليس عيباً انصياع الزوجة إلى إرادة زوجها، وإطاعتها رأيه فيما يخص خارج المنزل
منقول لتعم الفائدة والله من وراء القصد