احياناً... (صفقة الصناديق)
عبدالعزيز السويد الحياة - 18/01/07//
«أبو سلطان» منزعج من الخسائر الضخمة التي منيت بها مؤسسة البريد السعودي. الأخيرة قامت بتركيب صناديق معدنية على جدران المنازل والبنايات «من دون إحم ولا دستور»، فأصيبت نسبة كبيرة من صناديقها بالإتلاف المتعمد، أصبحت وسيلة لهو وتمارين للمراهقين، يتعلمون فيها فنون الكاراتيه، مع ملاحظة أن صناديق الصحف لا يتعرض لها أحد!
ابو سلطان ليس وحده، كلنا مثله. كتبت منذ بداية انطلاقة مشروع «واصل»، وكتب غيري، منهم العزيز عبدالله باجبير الذي أجاد التعبير. ونشرت الصحف سلسلة من التحقيقات عن أحوال هذه الصناديق المهملة وتذمر المواطنين، وفي رد نُشر قبل مدة في صحيفة «الحياة»، عزا مسؤول في البريد سبب إتلاف هذه الصناديق إلى ما سماه ضعف «الثقافة البريدية». واتفق معه في السبب، ولكن باتجاه معاكس. اعتقد بأن هناك ضعفاً في الثقافة البريدية لدى مؤسسة البريد نفسها. لديها أيضاً ضعف في فهم الجمهور، وتقدير أوضاعهم وتهيئتهم للمشروع من بدايته.
وحتى يكون الحديث مفيداً، فإن المسؤول عن ضعف الثقافة البريدية هو من يدير البريد منذ أن عرفناه بوضعه الراهن، حتى لو تغيرت المسميات والهيئات والأشخاص، ثم ان هذه المؤسسة لم تحترم عقول المستفيدين، فهي حاولت إجبارهم بصورة واضحة على الخضوع لمشيئتها، عن طريق رفع رسوم الصناديق القديمة وتصنيفها في بحث محموم لرفع الرسوم، في وقت كان مشروعها لا يزال فكرة لم تتعدّ حدود إدارتها. ويبرز سؤال مشروع: هل كان استيراد الصناديق وتركيبها هو محور المشروع؟ إذ كان الهم الرئيسي لدى إدارتها إنجاز التركيب، ونشر أخبار عن المنجز، ثم ان هناك علامات استفهام حول نظامية رفع الرسوم من المؤسسة من دون الرجوع إلى جهات أعلى!
والحقيقة أنه منذ أن أعلن عن مشروع «واصل»، وقيل في معرض الترويج أنه مرتبط بالأقمار الاصطناعية! وأنا لست متفائلاً، ثم كانت حملة إعلامية خجولة انتهت بعد أيام، وقيل لي وقتها إنها ستعود، ولم نر شيئاً منها لاحقاً. الآن تتراجع مؤسسة البريد خطوة عن الخطأ فتعلن عن جوائز وفرص مجانية لمن يشترك في «واصل» لا تحدد مددها! وهو دليل على الوقوع في ما كنا نحذر منه.
ليكون الاعتراف بالخطأ فضيلة يجب الرجوع عنه، ولإصلاح ما تهشم من علاقة بين البريد وثقافته وبين المستفيدين، يجب أن تعيد مؤسسة البريد حساباتها، فيتم إبقاء رسوم الصناديق السابقة على حالها مع استمرارها، وينطلق «واصل» لمن يريد الاشتراك فيه، وهو رأي سبق أن طرحته قبل ازدحام الجدران بالصناديق المهشمة. وعليها أن تساوي بين قدامى الموظفين والجدد! بقي أن نطالب بالمساءلة، كيف حدث ما حدث؟ ومن المسؤول عن كل تلك الخسائر في صفقة الصناديق وملحقاتها؟ أليس هذا من المال العام؟
asuwayed@yahoo.com
http://www.daralhayat.com/arab_news/...65f/story.html