الزملاء الكرام. السلام عليكم ورحمة الله
أمّا بعدُ,,
التقيت بصديق في مقهى ذات مساء, وقد بانت عليه آثار الكآبة, وبعد السلام والتحية والأسئلة المعتادة سألته عن سبب كآبته وحزنه, فأجباني مباغتًا "المدير" , يقصد مديره في العمل, فسألته ما به, فأجاب أن مديره مدير سيء وغير عادل ويسطو على جهود غيره ووو... إلخ, وأردف قائلًا أين أنواع المدراء الذين نسمع عنهم من أمثال "المدير المتعاون" أو "المدير الإنساني" أو "المدير القائد" أو... .
فأجبته أن هؤلاء المدراء الذين ذكرتهم كالكبريت الأحمر في العالم خصوصًا هذه الأيام حيث تغلب المادة على الروح!, اليوم لا ترى من ينظر لغيره, بل من يقول "نفسي نفسي" , و في غالب الأحوال أن مدراء هذا الزمان لا يخرجون عن اثنين, المدير الكلب والمدير الثعلب!
فالمدير الكلب مدير مسعور وصريح في عداوته, لا يرحم, حينما يعطيك "التعليمة" عليك أن تُنفذ وإلّا, التهديد وِردُهُ اليومي مع الموظفين لا يتهاون مع أدنى خطأ أو أدنى تأخير ولا يتجاوب مع أي عذر, التفكير في عدم سيطرته على الموظفين وعلى أنفاس الموظفين تفكير يقوده للجنون, الساعات التي يقضيها الموظفين معه ساعات من الجحيم, يسأل الموظفين الله يوميًا أن ينقذهم من فرعون هذا, لكن ما كتَبَ الله عليهم من قدر وقضاء قد يطول. فإنا لله وإنا إليه لراجعون!
أما المدير الثعلب!, وما أدراك ما المدير الثعلب, فهو المدير الأملس الناعم المبتسم الضحوك, الذي تهمه مصلحتك ظاهرًا ويزدريها باطنًا, يمتدح عملك أمامك ويسطو عليه من خلفك, تراه مثل أخيك وهمّه الأول والأخير كيف يقضي عليك ويهمشّك, قد يعترف لك أنك الأمثل ولكن لأمور أخرى يضع غيرك في موضعك بدلًا عنك, وإن واجهته في أمر قمت به يستهين به ويقلل من جدواه, مكّار غدّار كذّاب حقيرُ نفس منافق, وفوق كل هذا جبان, إن واجهته في النهاية بأفاعيله وألاعيبه يتراجع ويتطهر و يبرئ نفسه أمام الناس ويعود لاسطوانته المشروخة أنه يريد مصلحتك ويسعى لها وأنك موظف مثالي وعملي ووو,
وهذا المدير يذكرني بقول الشاعر:
يصافحني ويبسم في التلاقي *** ويخفي المكر يبدع في النفاق
القاسم المشترك بين هذين المديرين أنهما يعتمدان على موظف من نوعية واحدة, ألا وهو الموظف السلوقي, فهو المفضل عندهم لأسباب كثيرة, منها: أنه مطيع ووفي, شرس ودقيق في اصطياد فريسته, لا يناقش: ينفذ فحسب, وبالإمكان الاعتماد عليه كمدافع عنهم وكجاسوس لهم!
أخيرًا: الحمد لله أننا في سبل لا تكثر لدينا هذه النوعيات فكل المدراء لدينا على قدر من العدالة والإنسانية والنزاهة.