[align=center]اسأل نفسك هل أنت لطيف فأقول لك إذن أنت جميل واسألها مرة ثانية هل أنا ذو ذوق عام فتجيبك إذن أنت جميل ومحبوب، ثم أعد السؤال ثالثة هل تلاحظ جيداً ما تراه حولك من الأشياء فإذا كان كذلك فأقول لك إنك جميل ومحبوب وإنساني.
ليست اللطافة في جوهرها إلا عنوان الأدب والتهذيب وليست سلامة الذوق وحسن الاختيار إلا دليل على قوة الملاحظة وتجريد الانتباه وأخيراً ليس الاهتمام بكل الظواهر التي تراها إلا جزء من إخلاصك لنفسك وإخلاص نفسك لما تريد.
أنت تحب اللطافة والذوق والملاحظة لأنها نوع من الجمال تجده مع بعضهم منفرداً ومع بعضهم مجتمعاً، ينفرد به بعض الناس لعدم تمكنهم من جمعه وتتيح الفرصة للبعض الآخر أن تجتمع معهم فهل هم في نظرك مثال الجمال والأناقة.
لست فيما تحب من اللطافة إلا لنفورك من الفظاظة التي آلمتك كثرة شيوعها وممارسة الكثير لها ولست تحبها إلا لاشتياقك الكبير لها بعد أن غابت عن عينك كثيراً حتى أصبحت في الخيال والفكر وليست في الواقع ولا في المحسوس.
أنت تريد أن تكون لطيفاً ولكن ليس بإمكانك إن تتصور الفظاظة إلا بشكلها الممقوت فيصعب عليك نفض غبارها من حواسك لتنزل بها إلى الدفن وترتفع بنفسك إلى جوهرها وتلائم بين نقيضين في لحظة واحدة.
أنت تريد أن تكون لطيفاً إذن عليك أن تحمي اللطافة بما يشوهها من الآخرين فيسيئون استعمالها وفهمها ويعتبرونها عجزاً لا قوة، عليك أن تجمع مع اللطافة قدرة الصبر على احتمال العنف لئلا يطيح بها بعيداً ويباعد بينها وبين الغاية لكي تبقى في جوهرها من القوة والجمال.
وأخيراً عليك أن تفرق بين اللطافة والاستعطاف فلا تجعلهما في مرتبة واحدة بل كن قوياً حتى تبقى اللطافة هي ما تؤديه من مراعاة للشعور وانتقاء لصادق الكلمة والدخول المباشر في إسعاف النفس بما يعذبها ويقلقها وتضيق به.
أنت تريد أن تكون لطيفاً إذن عليك أن تكون شجاعاً فتقولها كلمة قوية بصدق وإخلاص وتجرد ومعرفة ويقين وإرادة وسلوك فلا تجبن في حقك ولا تكذب في قولك ولا تتكلم عن جهل ولا تتصرف بعمل إلا بعد يقين ولا تطلب فوق ما تستحق حتى لا تتعطل إرادتك وأخيراً ليكن سلوكك من نفسك سلوكاً صالحاً حتى تستحيل أقوالك إلى أفعال جميلة في مبناها ومعناها.
إن النفس يسعدها إن تستريح بعد العناء وليكن عناءك بعد القيام بالواجب ولتكن راحتك ذخراً لك لتستعد به للقيام مرة أخرى بالواجب أما الفاصلة والفترة بين العنائين والاستراحتين فهي الشعور بالرضا والاعتراف بالجميل والتقدير للمجهود والتعويض عما فقده الإنسان من قدره لاسترجاعها ومتابعة العمل.
اللطافة جميلة والجمال قوة فعليك أن تكون متمتعاً بقدرتك على حصول هذا الجمال حتى لا تشعر بفقدانه منك ووجوده عند الأقوياء المتجبرين الذين قد يفسدونه لفهمهم الأشياء كلها مفهوماً جائراً يأتي من قدرتهم على البطش وسعتهم في الحيلة وإمكانهم في الحصول على جميع المتطلبات.
المستشار[/align]