تمصلح»
27 يوليو 2008

أصبح «التمصلح» على حساب الخاص والعام سائداً بكل الطرق ودوساً على أي تعارض يقف في الطريق، التعارض في الغالب يكون مع المصلحة العامة، والأمثلة كثيرة، أشير إلى حالة رمزية نموذجية.
يصدر قرار بإقامة منشأة كبيرة تهم قاعدة عريضة ويرصد لها المال الكافي. تتقافز مع الإعلان الآمال العراض. ينتظر الناس أن تثمر نخلة ورّاقة صفّق عند الإعلان عنها كثيرون، عالمين حاجتها إلى وقت وعناية وأمانة، ينتظرون مطمئنين دوران العجلة.
نأتي للتنفيذ. يعين لها أناس للقيام بالمهمة، فيبدأ هؤلاء أو بعضهم «بالتمصلح»، كل واحد وشطارته.
تكون البداية بالمقر، يرى أحد أمناء المشروع أن بناية تعود لصديق مناسبة، هي لحسن الصدف معروضة للإيجار! فتصبح أفضل مقر للمنشأة. يأتي دور التأثيث، يكتشف «الأحدهم» أو آخر مثله أن العرض المقدم وربما الذي تم النصح بتقديمه، هو الأنسب، ولا يلتفت لتجارب فاشلة سابقة، لكنها شركة تعود لفلان، ربما يأتي مع الأثاث كرسي «مساج» منزلي، يهمز الأكتاف وأسفل الظهر، بعض آخر يقبل «بثقالة» ورق لتثقل العرض في موازين فتح المظاريف.
جاء دور التوظيف، عند هذه المرحلة يفضل «جماعة الريشة»، ولهم من اسمهم نصيب، هم مثل الريشة، رأسها في رجلها، يتجهون مع الأقوى نفخاً، غالباً ما يتطايرون في فضاء المكان… حاضرين بقوة مع خفة تبعث على ضحك شبيه بالبكاء، مع أهميتهم لأن الريش يعطي أحد انطباعين، القدرة على الطيران حتى ولو كان لدجاجة، أو مخدة نوم مريحة، يظن بعضهم أن الريش لا يضر، لهؤلاء نذكر أن مع قوة النفخ يصيب الريش العيون بضرر بالغ، من هنا تأتي الأهمية الاستراتيجية للعيون المغمضة، وتلك «المغمصة».
يتكوم الموظفون في المنشأة وينقسمون إلى ثلاث فئات:
الأولى الغالبية الصامتة، من جماعة «خليك جنب الساس»، «الراتب ماشي».
الثانية المتنفذة ينشأ بينها «اتفاق تمصلح» مكتوب في العيون، ومثلما يتبول الذئب على حدود منطقته محدداً نقاط التفتيش، يشم كل واحد حدود الاستحواذ لطرف «اتفاق التمصلح». تحتاج إلى طقم مكتب إذا وظف لي شخص يهمني أمره، الدنيا أخذ وعطاء.
الثالثة أو المنبوذة هي التي تفكر في مصلحة المنشأة. لسذاجتها تعتقد هذه الفئة بأن الجميع يعمل لتلك المصلحة، فتبدأ بالاحتجاج وتقدم الاقتراحات التي تقبل شكلاً مع ابتسامة تتأرجح بحلمات الأذان لترفض مضموناً، ومع كثرة الاعتراض والاقتراح يتم أخيراً اتهام هذه الفئة بكثرة العقد وإعاقة العمل المتوثب، فالمطلوب كما قيل «الشور شورك يا بيه».
أين المنشأة الحلم أو الطموح من هذا كله؟ النخلة التي غرست وينتظر كثيرون ثمارها، تذوي، ويرى الأقل أنانية «عسبانها» وقد تيبست إلا في الإعلانات، في حين نشأت حولها نباتات متسلقة، لا ترى بالعين المجردة، خبيرة بالامتصاص لإرواء جذور متشعبة، وفلاحوها ينشدون في كل محفل «نخلتي يا نخلتي».

صح السانك الا يذكرك كلام الاستاذ عبدالعزيز السويد بالحاصل بالبريد






مشكور اخوي موظف مهضوم