الابتزاز العاطفي موقف أو كلام يأخذه شخص ما ليسبب لديك إحساسا بالخجل أو بالخطأ، أو ليحملك مسؤولية أنت أساسا لا تحملها.

يستخدم الابتزاز العاطفي لتحقيق سيطرة عاطفية ونفسية على الآخرين، ولجعل الآخر يشعر أنه مدين أو مذنب في حق الشخص الذي يبتزه. وهو أسلوب دنيء للغاية في التعامل مع الآخرين، ولكن للأسف لا يعتبره القانون جريمة أو جنحة يحاسب عليها، رغم أنه يحاسب على أفعال أقل خطرا بكثير.

من أمثلة الابتزاز العاطفي أن يقول أخ لأخته أنها يمكن أن تسيء إليه إذا تصرفت بشكل ما، أو أن تقول امرأة لزوجها أو ابنها أنها لن تنام حتى يعود من سهرته، أو أن يقول صديق لصديقه أنه كان يعتمد عليه فخذله وسبب له الفشل. في هذه الحالات نجد شخصا يحاول تحميل الآخر مسؤولية إضافية مثل انزعاج الأخ من حرية أخته، أو قرار الأم بالسهر حتى يعود ولدها، أو فشل الصديق الذي يعتمد على الآخرين لتحقيق أهدافه فيفشل لأنه أساسا لا يعمل بنفسه بل يعتمد على الآخرين. إن الأثر العاطفي الذي يتركه الابتزاز العاطفي في مثل هذه الحالات على الضحية أكبر كثيرا من الأثر الذي يمكن أن تتركه مقاومة الضحية للشخص الذي يبتزه عاطفيا، حتى لو كان الأخ أو الأم أو الصديق.

أعظم قيد يمكن أن يقيد الإنسان هو الابتزاز العاطفي. وعندما نبحث في الإنترنت عن كلمة الابتزاز العاطفي لا نجد الكثير من النتائج، ربما لأننا نعتبر الابتزاز العاطفي سلوكا عاديا في كل علاقة إنسانية.

بعض الناس يستمتعون بالخضوع للابتزاز العاطفي، يعتبرون أن من التضحية أن يمتنعوا عن ممارسة ما يحبونه لكي لا يزعل أو يتضايق من يحبونه. هؤلاء الناس يسيئون أساسا لفكرة التضحية النبيلة بعجزهم وبخضوعهم للقيود التي يفرضها عليهم أشخاص مقربون لهم. وبدلا من الاستمتاع بحريتهم وتقديم تضحيات حرة ومسؤولة، تصبح كلمة التضحية مجرد علاقة يعلقون عليها خوفهم وضعف شخصيتهم وخضوعهم للابتزاز العاطفي.


لتكون حرا، لا تسمح لأحد أن يبتزك عاطفيا، وخصوصا الأشخاص المقربون جدا منك، والذين تحبهم جدا. افعل ما تحب حتى لو انزعج الآخرون، حتى لو تضايقوا، ولا تصدق أن ممارستك للحرية تسبب أي أذى لهم، في الحقيقة أنهم يقمعون حريتك بهذه الطريقة، وهم بذلك يسببون لك من الأذى ما يجب أن تتخلص منه بأية طريقة، ويقررون أن يسببوا لنفسهم أذى أنت أساسا غير مسؤول عنه.

يبدأ التحرر من الابتزاز العاطفي من إدراك الإنسان لحقيقة حريته، ومن ثقته بنفسه وبقدرته على تجاوز أية أزمات عاطفية قد تنشأ نتيجة ممارسة حريته. وبدون كل من هذين الشرطين، لا يستطيع أحد أن يتجاوز الابتزاز العاطفي. الحرية تقنع الإنسان أن وجود شخص ما في مكان ما ينزعج لسبب ما من سلوك ما أمر طبيعي جدا، ليس سببا كافيا ليمتنع عن ممارسة حريته، لأن الأشخاص الذين ينزعجون من أي سلوك موجودون في كل مكان، ومعظمهم من الأنانيين الذين يكرهون الخير للآخرين. أما الثقة بالنفس، فهي كل ما ينقص أي شخص يتردد لأي سبب في تنفيذ ما يحب أن ينفذه، ونقص الثقة بالنفس هو السبب الرئيسي للخضوع للابتزاز العاطفي.

عندما يواجهك الابتزاز العاطفي، عليك أن تتعرف عليه فورا، وتواجه الشخص الآخر بحقيقة أنه يستخدم أسلوبا دنيئا في التعامل معك، وأنك تحبه ولا تتمنى أن يخطئ بحق أحد، وخصوصا بحقك. ربما يحاول الإنكار، أو متابعة استخدام نفس الأسلوب ورفع العيار إلى درجة أعلى من الابتزاز العاطفي، وفي هذه الحالة عليك أن تستمر في مراقبة سلوك الآخر تجاهك، وحتى لو قرر الآخر أن يسبب الأذى فعليا لنفسه، ويحملك المسؤولية، عليك أن تستمر في التوضيح أنه هو من قرر تسبيب الأذى لنفسه، وأنك لا تريد له الأذى ولكنك ترفض أن يستخدم معك أسلوبا دنيئا لأنك تحبه.

سيبدو مثل هذا السلوك صعبا في البداية، ولكنه يمكن أن يخلصك من أنواع قاسية جدا من الابتزاز العاطفي، ولا شك أنه سينعكس بشكل إيجابي ثقتك بنفسك وعلى علاقتك بالآخر، وقد يحول العلاقة معه إلى علاقة ندية بدلا من علاقة سيطرة وخضوع عاطفي. أما إذا استمر الآخر بنفس السلوك الدنيء، ولم تتمكن من تغييره، فعليك عندها أن تثبت لنفسك أنك حر بمعنى الكلمة، ولا أعتقد أن خسارة شخص يمارس الابتزاز العاطفي بحقك خسارة كبيرة، بل بالعكس، قد يكون التخلص منه ربحا لك يكسبك مساحة كبيرة من الحرية، ولا يحق لك أن تعتبر أن خضوعك للابتزاز العاطفي تضحية نبيلة.

لا يستطيع أحد أن يستمتع بالحرية الحقيقية طالما لم يتحرر من كل أنواع الابتزاز العاطفي. ويجب على من يشتكي من الابتزاز العاطفي أن يعلم أنه هو قد قرر الخضوع له، وهذه مشكلته هو وليست مشكلة الآخرين,,,

منقول ,,,,

القلب الكبير