السلام عليكم
ترى ماهو مفهوم الجمال في نظر كل واحد منا؟ بالنسبة لي ليس الجمال في الشكل بل الجمال في الروح والفكر والأخلاق الطيبة، وأجد الجمال في الشخصية القوية التي تبهر الواقف أمامها بآرائها وحضورها القوي، فجمال الشكل ينفذ وينتهي مع مرور الزمن لكن الجمال الداخلي يبقى مستمرا مع استمرار حياة مالكه.
الجمال من مظاهر الحياة وخصائصها، فكلّ شيء جميل في هذا الوجود، ولكلّ شيء موازينه الخاصّة، فتكوين المخلوقات يخضع لمقاييس خاصّة، فالتوازن بين الأعضاء من ناحية الموقع، فكلّ له موقعه، وكلٌّ له حدّ من ناحية الطول والعرض والسُّمك، وكلٌّ له شكله الخاصّ به، والشكل العامّ متناسق متوازن، فهناك التناظر بين الأعضاء وبين الأشياء، وهناك التبادل، وهناك الاستكانة في الموقع، فهذا الشكل يناسب موقعه الذي هو فيه، إذ يُحسّ بذلك بعضاً، أي أنّ أعضاءه متكاملة في العمل فإنّها متكاملة في الشكل متعاضدة في التكوين.
إنّ مظاهر الجمال في الطبيعة كثيرة، ولو نظرنا إلى الغزال والحصان وما في تركيبها من جمال، إذ هناك التناسق، والانسياب في الشكل، ودقّة المقاييس مع ما يتلاءم مع أدقّ مقاييس الجمال المعروفة التي اكتشفها العلم الحديث، والتي لها تأثر جيّد ومسرّ في نفس الإنسان.
ونظرة أخيرة إلى الإنسان بجماله وكماله وعقله، ولنا فيه حكمة ونظرة، فالإنسان مقاييسه مضبوطة من ناحية التكوين، فالرأس والأطراف والجذع، وكلّ عضو ظاهره له نسبته الخاصّ من جسمه، علاوةً على أنّ له حدّاً ممكناً في الطول والعرض والسمك والشكل، وما خرج عن ذلك فهو خارج عن المألوف، ويشوّه المقاييس الجماليّة، ثمّ هناك لون الإنسان المتجانس مع منطقته وشعبه، ثمّ هناك مقاييس جماله المعروفة، فالعيون بألوآنهاوحجمها وطولها وسعتها، فالمرأة الزجاء فالمرأة الزجاء العيناء. والفمّ والأنف والخدود الوجنة والجبهة والصدر وو... ، ولا اُريد أن أدخل في دراسة جمال جسم الإنسان وصفاته، ولكن من النِّعَم التي مَنَّ الله سبحانه وتعالى على الإنسان هي نعمة الجمال العامّ للجنس البشري، يتجانسه وتكامله وتوازنه وتناسقه، ثمّ هناك الجمال الخاصّ الذي امتاز به كلّ عضو من أعضائه ثمّ هناك الجمال الذي اختصّت به المرأة باُنوثتها لتجذب به الذكر، ثمّ هناك الدرجات المتفاوتة التي يمتاز بها كلّ فرد من خصائق جماليّة، وكذلك المسألة تشمل الشعوب بدرجات جمالها.
المخلوقات كلّ يسعى لشأنه، فالنحلة لخليّتها والنملة لجحرها والطير لعشّه، والخروف لجرنه، والفلاّح لحقله، والعامل لمعمله، والدارس لمدرسته، والاُمّ لبيتها، والرجل لمهمّته، ثمّ تتكامل الحياة بتعاطف وتعاون وتجامل، حتّى يحسّ بالفرح والسعادة بهذا التناسق الجميل الفيّاض بمشاعره الجميلة.
والله سبحانه أوجد الكون بسعته ومبجموعاته المختلفة الهائلة في العدد والحجم، نسّق سبحانه كلّ شيء، فكلّما بَعُدت النجوم صغُرت في العين، وقلّت حرارتها، حتّى تنعدم من ناحية الشعور بها، وجعل للسماء لوناً خلاّباً يسرّ الناظر لها، وجعل النجوم زواهر، والبدر بأشكاله المختلفة، ولونه الجميل، ثمّ هذه التجمّعات للنجوم والكواكب، فالناظر للسماء يجد لوحاً فنّياً خلاّباً فيه عناصر الجمال، فيه الروح، فيه الفكر، فيه الجمال، فيه العلم... فسبحان الله البارىء الخالق المصوّر، الذي خلق كلّ شيء فأحكم خلقه، وجعل لكلّ خلقه سُنناً متكاملة محكمة.
فالجمال من خصائص المخلوقات، أوجده الله سبحانه نعمة وحكمة، فهو مسرَّة للنفس، وهو من آياتهِ تعالى في خلقه، فسبحان الله وله الحمد.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ الله جميل يحبّ الجمال».
وقال الله تعالى في سورة الكهف «إنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا»
وقال أيضا سبحانه وتعالى في سورة النحل «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ»
وفاء