لقاء- م. حسن الأمير:تصوير: عبدالله العجمي
جميل هو النجاح، والأجمل من ذلك عندما يكون ذلك النجاح في أحدث تقنيات العصر وأشدها تعقيدا، وتكتمل صورة ذلك النجاح بهاء وإشراقا؛ عندما يكون سعودي السمة محلي النكهة. وقد قيل سابقاً: أن النجاح قد يكون سهلا، ولكن الصعوبة تكمن في المحافظة عليه، والبقاء على رأس القائمة وفي صدر المقدمة، واتخاذ البيت الشعري نبراسا وشعارا:
وإن غامرت في شرفٍ مرومٍ
فلا تقنع بما دون النجوم
لقد أثبتت السواعد السعودية أنها أهلا للثقة ومحلا للأمانة، وأنها لا تستطيع إنجاز المهام الموكلة إليها فحسب؛ بل وتجاوز ذلك إلى الابتكار والتجديد.
إن زمن الماضي قد آذن بالرحيل إلى غير رجعة، ذلك الزمن الذي أثقل كاهله الروتين الممل والمراجعات التي لا تنتهي؛ لندخل عصر الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية بكل جدارة واقتدار.
إن حكومتنا الرشيدة لم تفتأ يوما في الأخذ بأسباب التطور ومسببات الازدهار وإدخال التقنيات الحديثة في كل المجالات، وقد عممت هذا العزم على كل المؤسسات التابعة لها والتي تصب في نهاية المطاف إلى راحة المواطنين والمقيمين وتسهيل أسلوب حياتهم.
إن من تلك المؤسسات الحكومية التي قطعت شوطا كبيرا في التطور، مؤسسة البريد السعودي؛ حيث قامت باستخدام ما استجد من أمور التقنية الحديثة، ونوعت استخداماتها بما يحقق أهدافها، وتسهيل أعمالها، وتبسيط وتنفيذ مهامها، وفي مقابل ذلك حققت الراحة والخدمة المتميزة للعملاء من المواطنين والمقيمين على حد سواء.
من تأريخ نشأة مؤسسة البريد السعودي ونحن نشهد تطورا ونهضة غير مسبوقة ليس على مستوى البريد وحده بل على مستوى المؤسسات الحكومية، حتى انه أضحى ينافس كثيراً من الشركات التجارية؛ فمن مشروع العنونة البريدية الذي انتظرناه كثيرا ليستطيع كل شخص من استلام بريده من مقر سكنه أسوة بباقي الدول التي سبقتنا في هذا المجال بالرغم من ضعفها الاقتصادي والتقني، ومشروع المحدد الجغرافي الذي يستخدم في تحديد الأماكن تحديدا دقيقا بواسطة خدمة الأقمار الصناعية مما حدا بالشركات والمؤسسات الأخرى من الاستفادة من هذه الخدمة العظيمة، هذا على مستوى المجتمع الخارجي(العملاء)، أما على مستوى العملاء الداخليين (الموظفين)؛ قلم تغفل هذه المؤسسة العملاقة من التطور والتجديد فمشروع فاكس لكل موظف، وغيره من المشاريع التي تدل على اهتمام هذا الصرح الكبير باستخدام التقنية ولا غرو في ذلك وهي صاحبة المنهجية الرقمية والإستراتيجية التقنية؛ حيث قد اتخذت لنفسها فلسفة عظيمة تنص على الاستخدام الأمثل للتقنية ما أمكن.
يخدم البريد حاليا 6123مدينة وبلدة وقرية، وتعامل مع ما يزيد 950مليون مادة بريدية في العام الواحد، وذلك من خلال 1230مكتباً بريدياً، 82وكالة بريدية، 770مكتب تمثيل بريدي.
التقينا مدير عام تقنية المعلومات بمؤسسة البريد السعودي المهندس ماجد بن موسى آل إسماعيل، ليطلعنا على آخر المستجدات في عالم التقنيات المستخدمة في البريد السعودي، خاصة بعد فوز البريد السعودي بعدة جوائز عالمية تتعلق باستخداماتهم للتقنية في مختلف مشاريعهم، فكان هذا الشرح من سعادته:
في البداية أود أن أوضح أن البريد السعودي اعتمد على إستراتيجية مهمة ألا وهي: "أن الحلول التكنولوجية المتقدمة هي الضمان الرئيس لجودة وفعالية الخدمات البريدية في المملكة، مع أهمية الاستثمار في العنصر البشري السعودي"، ومن هذا المنطلق رسمنا منهجيتنا في التعامل وانجاز كل متطلباتنا وأهدافنا من خلال الاستفادة من التقنيات الحديثة والتي تسهل وتيسر كل مجالات الحياة.
كانت خطوتنا الأولى وهدفنا الأساسي إيجاد نظام عنونة معتمد، وبعد عدة مدارسات وورش عمل توصلنا إلى نظام (واصل)؛ حيث بدأ هذا النظام من الصفر تقريبا، فلا بنية تحتية ولا مشاريع سابقة تختص بالعنونة البريدية، كما اعتمد البريد السعودي في إنتاج العنوان الجديد (عنوان واصل) على التقنيات الحديثة التي تعتمد على صور الأقمار الصناعية لجميع مدن وقرى المملكة وتطبيق خرائط إليكترونية عليها باستخدام تقنية GIS لتحديد المواقع الجغرافية، ومن ثم القيام بإصدار العنوان البريدي لكل موقع على حسب موقعة الجغرافي وربط معلوماته بالنظام العالمي لتحديد المواقع GPS.
وبالتالي فقد قامت المؤسسة واعتمادا على التقنية المتقدمة في تنفيذ هذا النظام والبرنامج الذي استخدمت فيه الصناديق البريدية الإلكترونية، وكذلك أجهزة حاسوبية وقارئات إلكترونية وأجهزة ملاحة جوية لتحديد المواقع والتي يستخدمها موظفو التوزيع، وخدمة إشعار الموظفون بوجود رسائل صادرة من صندوق واصل التي تتم أيضا بطريقة آلية عبر الإنترنت أو الاتصال الهاتفي.
وبذلك استطاع البريد السعودي أن يقدم عنواناً دقيقاص لكل مبنى أو موقع داخل المملكة العربية السعودية على أسس عالمية بالاعتماد على آخر التقنيات. مما يسهل على مقدمي خدمات التجارة الالكترونية والحكومة الالكترونية الوصول إلى عملائهم لإرسال واستقبال طلباتهم والمستندات والبضائع والسلع بأنواعها.
ويواصل (آل إسماعيل) حديثه قائلا: أما عن نظام المحدد السعودي للمعلومات الجغرافية والذي يعد التطبيق المعتمدة على العنوان البريدي؛ فإنه يهدف إلى تسهيل عملية التعرف على العناوين البريدية بيسر وسهولة. وتحديد المعالم الرئيسية بالمدينة كالمصالح العامة والمؤسسات والمكاتب التجارية والأسواق والبنوك والأندية والمستشفيات والمستوصفات والمساجد وغيرها، كما يهدف إلى تحديد العناوين البريدية الخاصة بالموقع وطباعة خريطة العنوان البريدي، ومن مميزات وخصائص المحدد السعودي ما يلي:
- يتميز نظام المحدد بالوضوح والبساطة من حيث استخدامه ويهدف إلى جعل عملية تحديد معلومات العنوان البريدي أكثر سهولة.
- يمكنك البحث عن عنوان بريدي بعدة طرق إما باستخدام الخريطة وعملية التكبير والتصغير وإما بمعرفة الرمز البريدي ثم استخدام الخريطة أو بمعرفة رقم المبنى أو الحي.
- يمكن الوصول إلى المحدد عن طريق شبكة الانترنت أو عن طريق أجهزة الكمبيوتر الكفي أو التلفون المحمول.
- إمكانية طباعة الخريطة بشكل منفصل.
- إمكانية عرض وإخفاء المعالم في الخريطة.
- إمكانية تحريك الخريطة والتنقل بشكل سريع.
- المحدد سيساعد أي جهة على الاستفادة من تحديد المكان بدقة وسهولة وبالتالي التعامل مع نظام المحدد كمزود للخرائط الرقمية.
- المحدد يحتوي على عدة طبقات معلوماتية مثل أرقام قطع الأراضي، الرمز البريدي، أسماء الشوارع، الخدمات
المختلفة مثل الفنادق - البنوك - المستشفيات - المطاعم -، خدمات عامة وحكومية وغير ذلك.
- نظام المحدد متاح للجميع للاستفادة منه في الاستدلال والوصول إلى أي موقع داخل المدن بسهولة الأمر الذي يسهل على المؤسسات والمتاجر وشركات النقل والتوزيع إيصال الطلبات لعملائها.
كما أن التطوير سيستمر (بالمحدد) ليشمل خدمات متميزة على النحو التالي:
- إمكانية تحديد الموقع بإرسال رسائل قصيرة.
- إمكانية تحديد الطريق الأسرع أو الأقرب بين المكانين.
- إمكانية حفظ معلومات إضافية على الخريطة.
وكذلك طريقة الفرز للرسائل البريدية والتي تحولت إلى طريقة آلية تستخدم فيها أجهزة إلكترونية متطورة، مما أدى إلى تطور فائق وإنتاجية ضخمة تقدر ب(40.000) رسالة في مقابل (1000) رسالة في السابق، وذلك بمعدل زيادة قدرها 4000%!!.
ومن المشاريع الابتكارية لمؤسسة البريد السعودي مشروع ربط صندوق البريد التقليدي بالبريد الإلكتروني؛ وهذا المشروع يعد بادرة جديدة وفريدة على المستوى العالمي، حيث لا يوجد ما يناظر هذا المشروع أو يسبقه في مكان في العالم، وتتلخص فكرة المشروع في إرسال إشعار أو رسالة إلكترونية لبريدك الإلكتروني عند ورود أي رسالة بريدية على صندوق بريدك التقليدي، ويأتي هذا الإجراء في إطار سعى البريد السعودي لإدخال أحدث تقنيات المعلومات والاتصالات ومواكبة التطور لتمكن الجهات الحكومية من تقديم خدمات الحكومة الإلكترونية مع الاستفادة من عملية الربط بين البريد الإلكتروني والعنوان البريدي مما أدى إلى توأمة البريد الإلكتروني بالبريد العادي وأضاف بعدا آخرا لحلول التراسل الموحد Unified Messaging Solutions بحيث يستطيع المستخدمون لحلول التراسل الموحد إرسال ما يريدون بمعرفة عنوان البريد الإلكتروني الذي هو نفسه العنوان البريدي.
لذلك سيمنح البريد السعودي كل مشترك في خدمة واصل بريدا الكترونيا خاصاً به يحمل نفس أرقام عنوان منزله، ويمكن للمشترك من خلال البريد الإلكتروني معرفة الرسائل التي وصلته على عنوان واصل. إضافة إلى أنه يمكن طباعة هذه الرسائل الإلكترونية وإرسالها على عنوان واصل حسب رغبة العميل.
وقد نال هذا الابتكار على إعجاب المنظمات الدولية باختلاف تخصصاتها واهتماماتها، مما أدى إلى تكريم مؤسسة البريد السعودي من عدة جهات رسمية عالمية كان آخرها جائزة الابتكار التقني من قبل شركة ميكروسوفت.
أما عن الشبكة الإلكترونية المستخدمة في البريد السعودي، فتحدث (آل إسماعيل) قائلا: لقد تم في عام 2007م ربط 380موقعاً بريدياً وذلك لاستخدام التطبيقات الخاصة بالعمليات البريدية الحديثة حيث تم تركيب 3500نقطة شبكية في المكاتب البريدية، كما تم ربط المواقع بدوائر تستخدم تقنية IP-VPN المقدمة من شركة الاتصالات السعودية، والتي تدعم عمليات البيانات والصوت والفيديو على نفس الدائرة، كما تم ربط بعض المواقع بدوائر تستخدم تقنية VSAT التي تدعم إرسال البيانات والصوت والفيديو عبر الأقمار الصناعية.
كما أن المؤسسة شرعت في استخدام تقنية Vice over Internet Protocol (VOIP) والتي تنقل الصوت عبر الشبكة بدلا من الخطوط العادية، وقد نالت المؤسسة جائزة أفضل شبكة قطاع أعمال لعام 2007م من شركة سيسكو العالمية.
كما تحدث المهندس (آل إسماعيل) عن اتفاقية تعاون مع وزارة الكهرباء والمياه، بهدف الاستفادة من العنوان البريدي الجديد والخدمات البريدية الأخرى. حيث تهدف الاتفاقية التي وقعها معالي وزير المياه والكهرباء عبد الله بن عبد الرحمن الحصين ومعالي رئيس مؤسسة البريد السعودي الدكتور محمد صالح بن طاهر بنتن، إلى الاستفادة من برامج المؤسسة في مجال الوصول إلى العناوين والتوزيع، وبما يفتح آفاقاً أكثر في استخدام العنوان البريدي الجديد؛ حيث إنه من المقرر أن تستفيد وزارة المياه والكهرباء من خرائط العنونة البريدية في أعمال الوزارة
ستمكن هذة الاتفاقية الوزارة من الاستفادة من العنوان البريدي في أعمال الوزارة وأن يكون العنوان البريدي أحد الخيارات الرئيسية في التعامل مع المستفيدين والمراجعين لمعرفة عناوينهم لغرض مشروع إيصال الصهاريج للمنازل عن طريق الهاتف (نظام سقيا) وكذلك لأغراض الفوترة والصيانة والوصول للمواقع لتقديم خدمات الوزارة.
وتشمل هذه الاتفاقية جميع مدن المملكة وسيكون العمل مبدئيا في نطاق مكة المكرمة والرياض وجدة والمدينة والطائف والمنطقة الشرقية ومستقبلا يتم التوسع لباقي المدن والمحافظات.
ويتوقع أن يكون للاتفاقية أثر واضح في تسهيل تحديد المواقع لجميع الخدمات التي تقدمها الوزارة وإتاحة خيارات متعددة للتواصل مع المستفيدين، حيث إن مؤسسة البريد السعودي قد وضعت من خلال الإستراتيجية البريدية عنوان بريدي لكل منشأه ووحدة سكنية، إلى جانب عنونة كل متر مربع في المملكة لتمكين كل مواطن ومقيم من الحصول على عنوان بريدي يمكن الوصول إليه عن طريق المحدد السعودي، وكذلك أنظمة ملاحه للوصول إلى العنوان البريدي بكل دقة.
جديد البريد القادم.. السوق الإلكتروني:
يعتبر إنشاء السوق الإلكتروني e-Mall من أهم المبادرات القادمة للبريد السعودي، ليكون سوقا واعدا تستثمر فيه المؤسسة إمكانيتها في توصيل الطرود والبضائع على مستوى المملكة، مما سيكون له عائد إيجابي وداعم قوي للمؤسسة وعلى الاقتصاد السعودي.
واستطرد (آل إسماعيل ) في شرح مزايا السوق الإلكتروني قائلا: إنه يعتبر أول سوق احترافي ومؤمن في المملكة، وكذلك يعتبر مجمّعاً ضخماً للتجار والمصنعين، وأهم ما يميز السوق الإلكتروني هو المستوى العالي الذي سيتم التعامل به في متابعة التوريد والدفع والنقل.؛ حيث بإمكان العميل استخدام وسائل الدفع المختلفة؛ كالدفع النقدي المباشر، أو بواسطة البطاقات الائتمانية أو بواسطة الخصم المباشر من حسابه.
هذا وقد بين مدير عام تقنية المعلومات أنه قد تم التعاقد مع بعض الشركات المحلية في اتفاقيات ثنائية بشأن استخدام السوق الإلكتروني بحيث يمكن لتلك الشركات من وضع قائمة بالمنتجات والبضائع التي يقدمونها لعملاء؛ ليتمكن العميل بدوره من الاختيار، ليتبقى على البريد السعودي من إتمام العملية وتوصيلها وقبض الثمن مقابل تلك الخدمات التقنية واللوجستية في خدمة التجارة الإلكترونية على مستوى المملكة العربية السعودية.
http://www.alriyadh.com/2008/03/09/article324289.html
رد مع اقتباس
